ثم بنيت أن الحركة الملفوظة والمقدرة كسرة في الماضي وفتحة في المضارع. ثم بينت أن ما قبل العين المعتلة من الماضي الثلاثي الموازن لانفعل أو افتعل يكسر كسرة خالصة أو مشمة بضم نحو بيع المتاعُ وسيق الثمنُ وانقِيد إلى الحق واختير الصواب، فيحرك ما قبل العين بالكسرة التي كانت لها في الأصل، فإن كانت العين ياء سلمت لسكونها بعد ما يجانسها، وإن كانت واوا انقلبت ياء لسكونها بعد كسرة. ومن أشم الكسرة ضمة لم يغير الياء وهي ولغة إخلاص الكسر لغتان فصيحتان مقروء بهما.
وبعض العرب يخلص الضمة، فإن كانت العين واوا سلمت لسكونها بعد ما يجانسها، وإن كانت ياء انقلبت واوا لسكونها بعد ضمة، وعلى هذه اللغة قول الراجز:
ليْتَ وهل يَنفعُ شيئا ليتُ ... ليتَ شبابا بُوعَ فاشتريتُ
ومنه قول الآخر:
حُوكتْ على نيربن إذ تُحاكُ ... تَخْتبطُ الشَّوكَ ولا تُشاكُ
ولا يجوز إخلاص الكسر ولا إخلاص الضم إذا أُسند الفعل إلى تاء الضمير ونونه إلا بشرط ألا يلتبس فعل المفعول بفعل الفاعل. بل يتعين عند خوف الالتباس إشمام الكسرة ضما، ومثال ما يخاف الالتباس فيه قولك في بيع العبد بِعْت يا عبد، وفي عُوق الطالب عقت يا طالب. فإن هذا ونحوه لا يعلم كون المخاطب فيه مفعولا إذا أخلصت الكسرة مما عينه ياء، والضمة مما عينه واو، بل الذي يتبادر إلى ذهن السامع كون المسند إليه فاعلا والمراد كونه مفعولا، ولا يفهم ذلك إلا بالإشمام فيهما وبإخلاص الضمة في نحو بُعْتَ يا عبد، وبإخلاص الكسرة في نحو عِقْتَ يا طالب، فوجب اجتناب ما يوقع في اللبس. وإلى هذا أشرت بقولي "ويمنع الإخلاص عند خوف اللبس".