لأن الإسناد إلى المثنى كالإسناد إلى المفرد بلا خلاف. واحترزت أيضا من حذف بعض الشعراء التاء من المسند إلى ضمير المؤنث، كقول الشاعر:
فلا مُزْنَةٌ ودَقَتْ وَدْقَها ... ولا أرضَ أبقَلَ إبْقالَها
وكقول الآخر:
فإمّا تَرَيْني ولِي لمَّةٌ ... فإن الحوادثَ أوْدى بها
وبعض النحويين يحملون ما ورد من هذا على التأويل بمذكر، فيتأول "أرض" بمكان والحوادث بالحدثان: وقيدت الضمير بالاتصال احترازا من نحو ما قام إلا أنت، فإن إلحاق التاء في هذا ضعيف. وقيّدت الظاهر الحقيقي التأنيث بالاتصال تنبيها على نحو قول الشاعر:
إنّ أمرَأ غرّه منكنّ واحدةٌ ... بعدي وبعدك في الدنيا لمغرورُ
وليس مخصوصا بالشعر؛ فإن سيبويه حكى: حضر القاضيَ امرأةٌ وقال: "إذا طال الكلام كان الحذف أجمل". ونبّهت بقولي "غير مكسّر" على أن حكم التاء في جمع تصحيح المؤنث كحكمها في مفرده ومثناه، فلا يقال قام الهندات، وإلا على لغة من قال: قال فلانة، لأن لفظ الواحد وجمع التصحيح على الحال التي كان عليها في الإفراد والتثنية، فيتنزّل قولك: قامتْ الهنداتُ، منزلة قولك: قامتْ هند وهند وهند، هذا هو الصحيح.
وعلى هذا لا يجوز: قامت الزيدون، لأنه بمنزلة قام زيد وزيد وزيد،