فهو جزء جملة، فإما أن ينصب بفعل مقدر، وإما أن يرفع مبتدأ، ويجعل الخبر محذوفا، كقوله تعالى: (قالوا سلاما، قال سلام) فتقدير الأول: سلمنا سلاما. وتقدير الثاني: عليكم سلام. ويجوز في العربية رفعهما، ونصبهما، ورفع الأول ونصب الثاني، قال الشاعر:
مررنا فقلنا إيهِ سلْمٌ فسَلّمت ... كما اكْتَلَّ بالبرق الغمامُ اللوائح
ولو تعلق المفرد الذي هو في التقدير بعض الجملة بغير القول ونوى تمام الجملة، لجيء به أيضا محكيا، كقولك قاصدَ محمدٍ منقوش على خاتم: قرأت محمدٌ، لأن مراد الناقش: صاحبه محمد، أو نحو ذلك، فإذا أوقعت عليه أو غيره مراعيا للقصد الأول، فإنما تحكي مقصوده. ولو علقت به رافعا وهو منصوب لجئت به منصوبا، لأن الحكاية مستولية عليه وعلى ناصبه المنوي، ومنه قول الشاعر يصف دينارا نقش فيه اسم جعفر البرمكي منصوبا:
وأصفرَ من ضربِ دار الملوك ... يلوحُ على وجهه جعفرا
أراد الناقش: اذكر جعفرا، أو نحو ذلك. فأسند الشاعر يلوح إلى الجملة مراعيا لقصد الناقش.
فصل: ص: تدخل همزةُ النقل على عَلِمَ ذات المفعولين، ورأى أختها، فينصبان ثلاثة مفاعيل، أولها الذي كان فاعلا، ويجوز حذفه والاقتصار عليه على الأصح، وللثاني والثالث بعد النقل ما لهما قبله مطلقا، خلافا لمن منع الإلغاء والتعليق. وألحق بهما سيبويه: نبّأ، وزاد غيره: أنبأ وخَبّر وأخبر وحدّث. وزاد الأخفش: أظن وأحسب وأخال وأزعم وأوجد. وألحق غيرهم أرى الحلمية سماعا.
وما وضع للمفعول من ذي ثلاثة فحكمه حكم ظن إلا في الاقتصار على المرفوع.