اعتباره بعد دخول لا في التابع، صفة كان أو غيرها، وإن كان ذلك لا يجوز بعد دخول إنّ، لأن إنّ شبيهة بالأفعال الناسخة للابتداء في الاختصاص بالمبتدأ والخبر دون عروض، وفي كون ما دخلت عليه مفيدا بدون دخولها، ولقوتها لا يبطل عملها بالانفصال في نحو: إن فيها زيدا، بخلاف لا فإنها ضعيفة العمل بكونها فرعا، وكونها عارضة الاختصاص بالمبتدأ والخبر، وكون ما تدخل عليه في الأكثر لا يفيد بدون دخولها، نحو: لا رجل في الدار، فلو قيل: رجل في الدار، لم يفد، فلتوقف الإفادة على دخول لا، كانت هي واسمها بمنزلة مبتدأ، فجاز لذلك أن يعتبر عمل الابتداء بعد دخولها في الصفة وغيرها من التوابع المستعملة، وشُبّه اعتبار الابتداء في ذلك باعتباره في نحو: هل من رجل كريم في الدار، وما لكم من إله غيره.

وقد تجعل الصفة والموصوف كخمسة عشر، فيبنيان على الفتح، إن كانا مفردين متصلين نحو: لا رجلَ ظريفَ فيها.

وزعم ابن برهان أن صفة اسم "لا" لا ترفع إلا إذا كان الموصوف مركبا مع لا، وأن رفعها دليل على إلغاء لا، وحمله على ذلك أن العامل في الصفة هو العامل في الموصوف، والاسم المنصوب لا عمل للابتداء فيه، فلا عمل له في صفته، والاسم المبني على الفتح إن نصبت صفته دل ذلك عنده على الإعمال، وإذا رفعت دل ذلك عنده على الإلغاء. وما ذهب إليه غير صحيح، لأن إعمال لا المشار إليها عند استكمال شروطها جائز بإجماع العرب، والحكم عليها بالإلغاء دون نقصان الشروط حكم بما لا نظير له. وقوله: لا عمل للابتداء في الاسم المنصوب غير مسلم، بل له عمل في موضعه، كما له بإجماع عمل في موضع المجرور بمن في نحو: هل من رجل في الدار؟ فصح ما قلنا، وبطل ما ادعاه، ولا قوة إلا بالله.

وللبدل في هذا الباب النصب باعتبار عمل لا إن كان صالحا لعملها، نحو: لا أحد فيها رجلا ولا امرأة، ولا مال له دينارا ولا درهما. والرفع باعتبار عمل الابتداء نحو: لا أحد فيها رجلٌ ولا امرأة، ولا مال له دينارٌ ولا درهم. فلو لم يصلح البدل لعمل لا تعين الرفع نحو: لا أحد فيها زيد ولا عمرو.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015