أيُّ شيء دَهاك أم غال مَرْآ ... ك وهل أقدمتْ عليك المَنُون
ويجوز هنا الإخبار بالنكرة عن النكرة، وبالمعرفة، بشرط الإفادة، فالإخبار عن النكرة بالنكرة كقول امرئ القيس في رواية سيبويه:
وإنّ شِفاءً عَبْرةٌ مُهَرَاقة ... وهل عند رَسْم دارسٍ من مُعَوَّل
والإخبار بالمعرفة مثل قول القائل: إن قريبًا منك زيد، وهو من أمثلة كتاب سيبويه، ومن ذلك قول الشاعر:
وإن حراما أن أسُبَّ مجاشِعا ... بآبائي الشمِّ الكرام الخضارمِ
وأنشد سيبويه:
وما كنت ضفّاطا ولكنّ طالبا ... أناخ قليلا فوق ظهر سبيل
أراد: ولكن طالبا أنا، هكذا قال سيبويه، وحسن هذا في الباب لشبه المنصوب بالمفعول، وشبه المرفوع بالفاعل. وقال سيبويه: لو قلت: إن من خيارهم رجلا، ثم سكت، كان قبيحا حتى تعرفه بشيء، أو تقول: إن رجلا من أمره كذا وكذا.
وأجاز الأخفش والفراء جعل اسم إن صفة رافعة لظاهر مغن عن الخبر، فيقولان: إنّ قائما الزيدان، وجواز هذا مبني على جواز: قائم الزيدان، ونحوه دون استفهام ولا نفي، وقد تقدم تنبيهي في باب المبتدأ على أن نحو هذا يستقبحه سيبويه ويستحسنه الأخفش. واستشهد على جوازه بقول الشاعر:
خبيرٌ بنو لهْب فلا تكُ مُلْغيا ... مقالة لِهْبيٍّ إذا الطير مرت
فمن قاس على هذا في باب الابتداء أجاز دخول إنّ عليه، فيقول: إن خبيرا بنو لهب. ويلزم من أجاز هذا من البصريين أن يجيز دخول ظننت، كما فعل الكوفيون،