فيكتفى بالموضوع للنصب عن الموضوع للرفع، كقول الشاعر:
ولي نفسٌ أقول لها إذا ما ... تُنازعني لعلي أو عساني
وكقول الآخر:
أصِخْ فعساك أن تُهْدَى ارعواء ... لقلبِك بالإصاخة مستفاد
فالتكلم بهذا وأمثاله جائز بإجماع، ولكن اختلف في الضمير: أهو منصوب المحل أم مرفوعه؟ فاتفق سيبويه والمبرد على أنه منصوب المحل، وأن الفعل في موضع رفع، إلا أن سيبويه يجعل المنصوب اسما والمرفوع خبرا حملا على لعل. والمبرد يجعل المنصوب خبرا مقدما، وأن والفعل اسما مؤخرا.
وذهب الأخفض إلى أن الضمير ? وإن كان بلفظ الموضوع للنصب ? محله رفع بعسى نيابة عن الضمير الموضوع للرفع، كما ناب الموضوع للرفع عن الموضوع للنصب في نحو: مررت بك أنت، وأكرمته هو. وقول الأخفش هو الصحيح عندي لسلامته عن عدم النظير، إذ ليس فيه إلا نيابة ضمير غير موضوع للرفع عن موضوع له، وذلك موجود كقول الراجز:
يابنَ الزُّبير طالما عصيكا ... وطالما عَنَّيْتَنا إليكا
أراد عصيت، فجعل الكاف نائبة عن التاء. ولأن نيابة الموضوع للرفع موجودة في نحو: ما أنا كأنت، ومررت بك أنت، فلا استبعاد في نيابة غيره عنه. ولأن العرب قد تقتصر على عساك ونحوه، فول كان الضمير في موضع نصب لزم منه الاستغناء بفعل ومنصوبه عن مرفوعه، ولا نظير لذلك. بخلاف كونه في موضع