(وفي خلقكم وما يَبُثُّ من دابة آياتٌ لقوم يوقِنون * واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آياتٌ لقوم يعقلون) فحذف في الجارة لاختلاف الليل والنهار لدلالة الجارة لخلقكم عليها. ومثله قول الشاعر:
أخْلِقْ بذي الصَّبْر أن يحظى بحاجته ... ومُدْمِن القَرْع للأبواب أن يَلجا
وإذا استسهل بقاء الجر بمضاف حذف لدلالة مثله عليه، كان بقاء الجر بحرف الجر المحذوف لدلالة مثله عليه أحق وأولى، لأن حرف الجر في عمل الجر أمكن من الاسم المضاف. ومن حذف المضاف وبقاء المضاف إليه قول الشاعر:
أكلَّ امرْئ تحسبين امرَأ ... ونارٍ تَوقّدُ بالليل نارا
ومثله قراءة بعض القراء: (تُريدون عَرَض الدنيا والله يريد الآخرةِ) على تقدير: عرض الآخرة. ويستقصى الكلام على نظائر هذه المسألة إن شاء الله تعالى.
وليس بعد "ما" في الوصف التاليه أجنبيٌّ بعد عاطف إلا الرفع كقولك: ما زيد قائما ولا ذاهب عمرو، لأن المعطوف عليه مع قربه من العامل لو قدم فيه الخبر لبطل العمل، فبطلانه بالتقديم في المعطوف لبعده من العامل أحق وأولى، ومثال ذلك قول الشاعر:
لعَمْرُكَ ما مَعْنٌ بتاركِ حقه ... ولا مُنْسِئٌ معنٌ ولا مُتَيَسِّر