إليها زائدة كافة لا نافية، خلافا للكوفيين. وقد تزاد قبل صلة ما الاسمية والحرفية، وبعد "ألا" الاستفتاحية، وقبل مَدَّة الإنكار. وليس النصب بعد "ما" لسقوط باء الجر، خلافا للكوفيين. ولا يغنى عن اسمها بدلٌ مُوجَب، خلافا للأخفش، وقد تعمل متوسطا خبرُها، وموجبا بإلا، وفاقا لسيبويه في الأول، وليونس في الثاني. والمعطوف على خبرها ببل ولكن موجب فيتعين رفعه.
ش: للعرب في "ما" النافية الداخلة على المبتدأ والخبر مذهبان: أحدهما: مذهب أهل الحجاز، وهو إلحاقها في العمل بليس، وعلى مذهبهم نزل القرآن، قوله تعالى: (ما هذا بشرا) وقوله تعالى: (ما هن أمهاتِهم).
والثاني: مذهب غير أهل الحجاز، وهو إهمالها، وهو مقتضى القياس، لأنها غير مختصة، فلا تستحق عملا، كما لا تستحقه هل وغيرها من الحروف التي ليست بمختصة.
وذكر الفراء أن أهل نجد يَجُرُّون الخبر بعدها بالباء كثيرا، ويدعون الباء فيرفعونه. فجعل بعض النحويين هذا مذهبا ثالثا في "ما". وضعف هذا الرأي بيِّن، لأن دخول الباء على الخبر بعد "ما" في لغة بني تميم معروف، لكنه أقل منه في لغة أهل نجد فمذهبهما واحد.
ولما كان عمل "ما" استحسانيا لا قياسيا اشترط فيه تأخر الخبر، وتأخر معموله، وبقاء النفي، وخلوها من مقارنة إنْ، لأن كل واحد من هذه الأربعة حال أصلي، فالبقاء عليها تقوية، والتخلي عنها أو عن بعضها توهين، وأحق هذه الأربعة بلزوم الوهن عند عدمه الخلو من مقارنة إنْ، لأن مقارنته "لما" يزيل شبهها بليس، لأن ليس لا تليها إنْ، فإذا وليت "ما" تباينا في الاستعمال، وبطل الإعمال دون خلاف. ولا يلزم مثل هذه المباينة بنقض النفي، ولا بتوسط الخبر، كما سيأتي ذلك مبينا إن شاء الله تعالى.