ص: ولا يلزم تأخير الخبر إن كان جملة خلافا لقوم، ويمنع تقديم الخبر الجائز التقديم تأخرُ مرفوعه، ويُقَبِّحه تأخر منصوبه، ما لم يكن ظرفا أو شبهه. ولا يمتنع هنا تقديم خبرٍ مشارك في التعريف وعدمه إن ظهر الإعراب. وقد يخبر هنا وفي باب "إنّ" بمعرفة عن نكرة اختيارا.
ش: ذكر ابن السراج أن قوما من النحويين لا يجيزون تقديم الخبر ولا توسيطه إذا كان جملة، والقياس جوازه وإن لم يسمع، فأجاز أن يقال: أبوه قائمٌ كان زيد، فهذا مثال التقديم، وأجاز أيضا أن يقال: كان أبوه قائمٌ زيد، وما ذهب إليه من الجواز هو الصحيح، لأنه وإن لم يسمع مع كان فقد سمع مع الابتداء، كقول الفرزدق:
إلى ملكٍ ما أمُّه من محارب ... أبوه ولا كانت كليبٌ أقاربه
أراد: أبوه ما أمه من محارب، فأبوه مبتدأ، وأمه مبتدأ ثان، ومن محارب خبره، وهما خبر المبتدأ الأول، فقدم الخبر وهو جملة، فلو دخلت كان لساغ التقديم أيضا، كقولك: ما أمه من محارب كان أبوه. والتوسيط أولى بالجواز كقولك: ما كان أمه من محارب أبوه.
وإذا كان للخبر المقدم معمولٌ مؤخر امتنعت المسألة إن كان مرفوعا، مفردا أو مصحوبا بغيره، نحو: قائما كان زيد أبوه، وآكلا كان زيد أبوه طعامك.
فإن كان المعمول منصوبا لا مرفوع معه، جازت المسألة على قبح، نحو: آكلا كان زيد طعامك.
فإن كان المعمول ظرفا أو شبهه حسنت المسألة نحو: مقيما كان زيد عندك، وراغبا كان عمرو فيك.
وسبب ذلك أن حق العامل ألا يفصل بينه وبين معموله، فإن كان مرفوعا كان فصله أصعب لكونه كجزء رافعه، فلم يجز بوجه. وإن كان مفعولا به قبح ولم