والمجوز لدخول الفاء على الخبر كون المبتدأ واقعا موقع مَنْ الشرطية أو "ما" أختها، فيتناول ذلك "أل" الموصولة بما يقصد به الاستقبال والعموم، كقوله تعالى: (والسارقُ والسارقة فاقطعوا أيديهما) فلو قصد به مضى أو عهد فارق "أل" شبه من وما، فلم يؤت بالفاء.

ومثال غير "أل" موصولا بظرف قول الشاعر:

ما لدى الحازم اللبيب معارا ... فمصونٌ وما لَهُ قد يَضيع

ومثال الموصول بشبه الظرف قول الله تعالى: (وما بكم من نعمة فمن الله).

ومثال الموصول بفعل صالح للشرطية قوله تعالى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) وقرأ نافع وابن عامر: "بما كسبت" بحذف الفاء، فدل ذلك على أمرين: أحدهما: أن ما هذه موصولة لا شرطية، إذ لو كانت شرطية للزمت الفاء، لأن بما كسبت لا يصلح أن يكون شرطا، فإن الفاء لا تفارقه إلا في ضرورة.

والثاني: أن اقتران الفاء بخبر المبتدأ الذي نحن بصدده جائز لا لازم، لأنها لم تلحقه إلا لشبهه بالجواب، فلم تساوه في لزوم لحاقها، ليكون للأصل على الفرع مزية. وقد خلا الخبر المشار إليه من الفاء بإجماع القراء في قوله تعالى: (والذي جاء بالصدق وصدّق به أولئك هم المتقون).

وقيدت الصلة التي تقع بعدها الفاء بكونها فعلا صالحا للشرطية، ليعلم أنها لو كانت فعلا خالص المضي لم تدخل الفاء، وكذلك لو قرن بما لا تدخل عليه "مَنْ" الشرطية، ولا "ما" أختها، نحو: الذي إنْ حدّث صَدقَ مكرمٌ، والذي ما يكذب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015