لأنه إذا كان معرفة مسبوقا بمعرفة، توهم كونهما موصوفا وصفة، فمجيء الخبر نكرة يدفع ذلك التوهم، فكان أصلا.

وأيضا فإن نسبة الخبر من المبتدأ كنسبة الفعل من فاعله، والفعل يلزمه التنكير، فاستحق الخبر لشبهه به أن يكون راجحا تنكيره على تعريفه.

وقد يتعرفان، كقوله تعالى (الله ربنا وربكم) و (محمد رسول الله)، وقد ينكران، كقوله تعالى: (ولعبدٌ مؤمن خير من مشرك).

ونبهت قائلا: "بشرط الفائدة" على أن عدم حصولها مانع من كون المبتدأ والخبر كلاما، سواء كانا معرفتين أو نكرتين، أو معرفة ونكرة. وقولي: وحصولها في الغالب بكذا وكذا" تنبيه على أن الفائدة قد يندر حصولها في الإخبار عن نكرة خالية من جميع ما ذكر، كقول من خرقت له العادة برؤية شجرة ساجدة، أو بسماع حصاة مسبحة: شجرة سجدت، وحصاة سبحت.

ومثال الابتداء بنكرة موصوفة بظاهر قوله تعالى: (ولعبدٌ مؤمن خير من مشرك) وفي الحديث: "شوهاء ولود خير من حسناء عقيم".

ومثال الابتداء بنكرة موصوفة بمقدر قولهم: السمن منوان بدرهم، أي: منوان منه بدرهم، فمنوان نكرة ابتدئ بها لأنها موصوفة بوصف مقدر، ومنه قوله تعالى (يَغْشى طائفة منكم وطائفةٌ قد أهمتهم أنفسهم) فالواو واو الحال، وطائفة مبتدأ خبره ما بعده، وجاز الابتداء بها لأنها موصوفة بمقدّر، كأنه قال: وطائفة من غيركم، وهم المنافقون. ومن هذا القبيل قول الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015