ما جُرّ منهما بحرف زائد نحو: ما فيها من أحد، و:
هل أخو عيشٍ لذيذ بدائم.
وأما كون المبتدأ والخبر مرفوعا أحدهما بالآخر، فهو قول الكوفيين، وهو مردود أيضا، إذ لو كان الخبر رافعا للمبتدأ كما كان المبتدأ رافعا للخبر لكان لكل منهما في التقدم رتبة أصلية، لأن أصل كل عامل أن يتقدم على معموله، فكان لا يمتنع: صاحبها في الدار، كما لا يمتنع: في داره زيد، وامتناع الأول، وجواز الثاني دليل على أن التقدم لا أصلية للخبر فيه.
ص: ولا خبر للوصف المذكور لشدة شبهه بالفعل، ولذا لا يُصَغّر، ولا يُوصَف، ولا يُعَرّف، ولا يُثنى، ولا يجمع، إلا على لغة "يتعاقبون فيكم ملائكة" ولا يجرى ذلك المجرى باستحسان إلا بعد استفهام أو نفي، خلافا للأخفش، وأُجري في ذلك "غير قائم" ونحوه مجرى: ما قائم.
ش: قد تقدم أن أحد قسمي المبتدأ وصف يرفع ما يليه، ويسد مرفوعه مسد خبره، وإياه عنيت الآن بقولي: "ولا خبر للوصف المذكور" وبينت أن سبب استغنائه عن الخبر شدة شبهه بالفعل، لأن قولك: أضارب الزيدان؟ بمنزلة: أيضرب الزيدان؟ فكما لا يفتقر: أيضرب الزيدان، إلى مزيد في تمام الجملة، كذلك لا يفتقر ما هو بمنزلته. ولأن المطلوب من الخبر إنما هو تمام الفائدة بوجود مسند ومسند إليه، وذلك حاصل بالوصف المذكور ومرفوعه، فلم يحتج إلى خبر