عوض من الضمير، وبهذا التعويض قال الكوفيون وبعض البصريين، وإن كان بعض المتأخرين قد عد هذه المسألة من مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين. وأنكر ذلك أبو الحسن علي بن محمد بن علي المعروف بابن خروف وقال: لا ينبغي أن يجعل بينهما خلافٌ، لأن سيبويه قد جعل الألف واللام عوضًا من الضمير في قوله في باب البدل: "ضُرِبَ زيدٌ الظَهرُ والبطنُ" وهو يريد: ظهره وبطنه، ولم يقل الظهر منه ولا البطن منه.

قلت: لما كان حرف التعريف بإجماع مغنيا عن الضمير في نحو: مررت برجل فأكرمت الرجل، جاز أن يغني عنه في غير ذلك لاستوائهما في تعيين الأول، ولذلك لم يختلف في جواز مررت برجل حسنٍ وجهُ أبيه، واختلف في جواز نحو: مررت برجل حسنٍ وجهُ أب، إذ ليس فيه ضمير ولا حرف تعريف، والمنع به أولى، وهو مذهب سيبويه.

ومن ورود الألف واللام عوضا من الضمير قوله تعالى (فأما من طغى* وآثر الحياة الدنيا* فإن الجحيمَ هي المأوى* وأما من خاف مقام ربِّه ونَهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوى) ذكر ذلك الأستاذ أبو الحسن بن خروف، وعزاه إلى جماعة من أئمة النحو، وعلى ذلك يحمل قوله تعالى (جنات عدن مُفَتّحةً لهم الأبواب) وزعم أبو علي والزمخشري أن الأبواب بدل من ضمير مستكن بمفتحة، وهذا تكلف يوجب أن يكون الأبواب مرتفعًا بمفتحة المذكور، على القول بأن العامل في البدل والمبدل منه واحد، أو بمثله مقدرا، على القول بأن العامل في البدل غير العامل في المبدل منه. وعلى كل حال قد صح أن "مفتحة" صالح للعمل في الأبواب، فلا حاجة إلى تكلف إبدال.

وأيضا فالحاجة إلى الضمير في بدل البعض كالحاجة في السبى المرفوع بما جرى على ما هو من سببه، فقد قامت الألف واللام مقام الضمير على كل تقدير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015