وقد يقال في خطاب جماعة الذكور كما يقال في خطاب الواحد، كقوله تعالى (فما جزاء من يفعل ذلك منكم) و (ذلك خير لكم وأطهر) فأغنى ذلك عن ذلكم، ولم يُغن أنت عن أنتم. وذلك أن "الذال والألف" قد يستغنى بهما عن الكاف عند تقدير القرب أو قصد الحكاية كقوله تعالى (هذا ما توعدون ليوم الحساب) و (هذا من شيعته وهذا من عدوه) و (وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج) فجاز الاستغناء بالكاف عن مصحوبها، ولا يستغنى بالهمزة والنون عن التاء، فلم يجز الاستغناء بالتاء عن الميم.
وأشرت بقولي "وربما استغنى عن الميم بإشباع ضمة الكاف" إلى ما أنشده بعض الكوفيين من قول الراجز:
وإنما الهالك ثم التالكُ ... ذو حَيْرة ضاقت به المسالكُ ... كيف يكون النوْك إلا ذلكُ
أراد: ذلكم فأشبع الضمة واستغنى عن الميم بالواو الناشئة عن الإشباع.
ص: وتتَّصل "بأَرأَيت" موافقة "أخْبِرْني" هذه الكاف، مُغْنيًا لحاقُ علامات الفروع بها عن لحاقها بالتاء، وليس الإسنادُ إليها مُزالا عن التاء خلافا للفرّاء، وتتصل أيضا بحيَّهل، والنَّجاء، ورُوَيد، أسماء أفعال. وربما اتصلت بِبَلى، وأبْصَرَ، وكَلاّ، وليس، ونعْم، وبِئْس، وحسبت.
ش: إذا أريد "بأرأيت" معنى "أخْبرني" جاز أن تتصل به كاف الخطاب وألا تتصل به، فإن لم تتصل به وجب للتاء ما يجب لها مع سائر الأفعال من تذكير