إلا مرتبتان: إحداهما للقرب، والأخرى لأدنى البعد وأقصاه.
الثالث: أن القرآن العزيز ليس فيه إشارة إلا لمجرد من اللام والكاف معًا، أو لمصاحب لهما معًا. أعني غير المثنى والمجموع، فلو كانت الإشارة إلى المتوسط بكاف لا لام معها لكان القرآن العزيز غير جامع لوجوه الإشارة، وهذا مردود بقوله تعالى (ونزلنا عليك الكتاب تبيانًا لكل شيء).
الرابع: أن التعبير "بذلك" عن مضمون كلام على إثر انقضائه شائع في القرآن وغيره ولا واسطة بين النطقين، كقوله تعالى (ذكل ما كنا نبغي) و (ذلك ليعلم أني لم أخُنْه) و (ذلك تأويلُ ما لم تسطع عليه صبرا) و (ذلكم حكم الله).
الخامس: أنه لو كانت مراتب الإشارة ثلاثًا لم يكتف في باقي التثنية والجمع بلفظين، لأن في ذلك رجوعًا عن سبيل الإفراد، وفي اكتفائهم بقولهم "هذان وذانك" و"هؤلاء وأولئك" دليل على أن "ذاك وذلك" مستويان، وأن ليس للإشارة إلا مرتبتان.
ولا التفات إلى قول من قال: إن تشديد نون ذانك دليل على البعد، وتخفيفها دليل على القرب، لأنه قد سبق الإعلام بأن التشديد عوض مما حذف من الواحد، لأنه يستعمل مع التجريد من الكاف كما يستعمل مع التلبس بها.