جاء الذي زيدا درهما أعطى أبوه، فجاء هذا في صلة الذي، إذ لا ضرر في جوازه، بخلاف صلة الحرف وصلة "الألف واللام" فإن معمولها لا يتقدم عليها.
فأمّا الحرف فلأن امتزاجه بصلته أشدُّ من امتزاج الاسم بصلته، لأن اسميته منتفية بدونها، فلو تقدم معموله كان تقدمه بمنزلة وقوع كلمة بين جزأي مصدر، وليس كذلك تقدم معمول صلة الاسم غير الألف واللام، لأن له تماما بدونها، ولذلك جعل إعرابه إن كان معربا قبلها، والإعراب الاسمي قبل تمام المعرب. ولما له من التمام بدونها جاز أن يستغنى عنها وعن معمولها إذا علمت، بخلاف الموصول الحرفي، فأما "الألف واللام" فامتزاجها بالصفة التي توصل بها أشد من امتزاج أنْ بالفعل الذي توصل به، لأن "أن" قد تفصل من الفعل بلا النافية كقوله تعالى (وحسبوا أن لا تكون فتنة) ولا تفصل الألف واللام من الصفة بلا ولا غيرها، لأنها أشبهت أداة التعريف، فعوملت معاملتها لفظا.
ويجوز تعليق حرف جر قبل الألف واللام بمحذوف تدل عليه صلتها كقوله تعالى (وكانوا فيه من الزاهدين) و (إني لعملكم من القالين) و (إني لك من الناصحين) أي: كانوا زاهدين فيه من الزاهدين، وإني قال لعملكم من القالين، وإني ناصح لك من الناصحين.
ويكثر هذا الحذف قبل الألف واللام داخلا عليه من التبعيضية، لأن في ذلك إشعارا بأن المحذوف بعض المذكورين بعد، فتقوى الدلالة عليه.
ويقل إذا لم تدخل مِنْ على الألف واللام، ومنه قول الشاعر:
تقول ودَقتْ صدرَها بيمينها ... أبَعْلِيَ هذا بالرَّحَى المتقاعسُ
أراد: بعلي هذا كائنا بالرحى، ومتقاعسا بالرحا.