فيا ربّ ليلى أنتَ في كلِّ موِطِن ... وأنتَ الذي في رحمةِ الله أطمع

أراد: وأنت الذي في رحمته، فاستغنى بالظاهر عن الضمير، ومثله:

إن جُملَ التي شغفت بجمل .. ففؤادي وإن نأت غيرُ سال

ومثله:

سعادُ التي أضناكَ حبُّ سعادا ... وإعراضُها عنك استمر وزادا

أراد سعاد التي أضناك حبها، فاستغنى بظاهر سعاد عن ضميرها، ومن هذا القبيل: أبو سعيد الذي رويت عن الخدري. ومثل هذا في الصلة نادر، وإنما يكثر الاستغناء بالظاهر عن المضمر في الإخبار، وله موضع يأتي إن شاء الله تعالى.

فصل: ص: "مَنْ وما" في اللفظ مفردان مُذَكَّران، فإن عُنِي بهما غير ذلك فمراعاةُ اللفظ فيما اتصل بهما وبما أشْبَههُما أولى، ما لم يَعْضُد المعنى سابقٌ فيُخْتارُ مراعاتُه، أو يلزم بمراعاة اللفظ لَبْسٌ أو قُبْح فيجب مراعاة المعنى مطلقا، خلافا لابن السَّرَّاج في نحو: مَنْ هي مُحْسِنةٌ أمُّك، فإنْ حُذِفَ "هي" سَهل التذكير.

ويُعْتَبَر المعنى بعد اعتبار اللفظ كثيرا، وقد يُعْتَبر اللفظ بعد ذلك.

ش: قد تقدم أن "مَنْ" و"ما" يقع كل واحد منهما موقع الذي والتي وتثنيتهما وجمعهما، والكلام الآن في أنهما في اللفظ مفردان مذكران، فإن وافق معناهما لفظهما ... المتكلم واستوى العالم والمتعلم وإذا خالف معناهما لفظهما فلك فيما لهما من ضمير وغيره مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى لكن مراعاة اللفظ فيما اتصل بهما أولى كقوله تعالى (أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله) و (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015