واعلم بأن المضارع يميزه من غيره صلاحيته لأن تدخل عليه السين أو سوف أو لم أو لن أو كي، وافتتاحه ببعض "نأتي" بشرط أن تشعر الهمزة بأنا، والنون بنحن، والتاء بحضور أو تأنيث، والياء بغيبة. والإحالة على الافتتاح بأحد هذه الأحرف المشعرة بما ذكر أولى من الإحالة على سوف وأخواتها، لأن افتتاحه بأحد الأحرف الأربعة لازم لكل مضارع، وليست الصلاحية لسوف وأخواتها لازمة، إذ من الأفعال المضارعة ما لا يدخله شيء منها كأهاء وأهلم، فإنهما فعلان مضارعان لافتتاحهما بالهمزة المشعرة بأنا، ولا يقعان في كلام العرب غالبا إلا بعد لا أو لم، كقول من قيل له: هأ وهلم: لا أهاء ولا أهاء، ولا أهلم ولا أهلم.
وتقييد الأحرف الأربعة بالمعاني المذكورة واجب، لأن أمثالها في اللفظ قد يفتتح بها الماضي نحو: أكرَمَ وتَكَرَّم. ونَرْجَسَ الدواء إذ جعل فيه نرْجِسا، ويَرْنأ الشيب إذا خضبه باليُرنّاء وهو الحناء، ولكنها لا تشعر بالمعاني المذكورة، فلم يكن ما افتتح بها مضارعا بل ماضيا.
ص: والأمر مستَقْبَلٌ أبدا، والمضارعُ صالح له وللحالِ، ولو نُفي بلا خلافا لمن خصهما بالمستقبل.
ش: لما كان الأمر مطلوبا به حصول ما لم يحصل كقوله تعالى: "قمْ فأنذِر" ودوام ما حصل كقوله تعالى "يا أيُها النّبي اتقِ الله" لزم كونه مستقبلا، وامتنع اقترانه بما يخرجه عن ذلك.
وأيضا فإن الفعل فعل بدلالته على الحدث والزمان المعين، وكون أمرا أو