إليه مع كونه في محله، فلأن يترك ولا يجاء به بعد الخبر المقدم أحق وأولى. فظهر بهذا بطلان ما أجازه الكسائي رحمه الله من ذلك.
ولا موضع له من الإعراب، خلافًا لقوم يجعلونه توكيدًا لما قبله، قال سيبويه: لو كان كذلك لجاز: مررت بعبد الله هو نفسه، ثم قال: "ويدخل عليهم: إن كان زيد لهو الظريف، وإن كنا لنحن الصالحين، فالعرب تنصب هذا، والنحويون أجمعون، ولا يكون هو ونحن صفة وفيهما اللام" يعني بالصفة التوكيد. ثم قال سيبويه "فصارت هو وأخواتها هنا بمنزلة ما إذا كانت لغوا، في أنها لا تغير ما بعدها عن حاله قبل أن تذكر". فكلام سيبويه مشعر بأن الفصل لا موضع له من الإعراب، ويؤيد ذلك عدم تغيره لتغيِّر ما قبله كقولك: زيدٌ هو الفاضلُ، وعلمت زيدًا هو الفاضلَ، فلو كان له موضع من الإعراب لقلت: علمت زيدا إياه الفاضل، كما تقول: ما أكرمني إلا أنت، وما أكرمت إلا إياي.
والحاصل أن الضمير المشار إليه إذا وقع بين مخبر عنه وخبر متأخر، فإن كان الخبر نكرة لا تشبه المعرفة كشبه مثلك وخير منك امتنعت الفصلية، فإن كان معرفة أو شبهها ورفعته احتمل أن يكون الضمير فصلا وأن يكون مبتدأ، فإن نصبته وقرن الضمير باللام المفتوحة تعينت الفصلية ظاهرا كان ذو الخبر أو ضميرا. وإن نصبت الخبر ولم يقرن الضمير باللام تعينت الفصلية إن كان المخبر عنه ظاهرًا، وجاز التوكيد والفصلية إن كان المخبر عنه ضميرا.
ومن العرب من يجعل الضمير المشار إليه مبتدأ ويرفع ما بعده بمقتضى الخبرية مطلقا، قال سيبويه: بلغنا أن رؤبة كان يقول: أظن زيدًا هو خيرٌ منك، وحدثنا عيسى أنَّ ناسًا كثيرًا من العرب يقولون (وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمون) وأنشد:
تبكي على لُبْنى وأنت تركتها ... وكنت عليها بالملا أنتَ أقْدر