علا زيدُنا يومَ النَّقا رأسَ زيدِكم ... بأبيضَ ماضِي الشَّفْرَتَيْنِ يَمانِي
فإضافة زيد هنا أوجبت له من الزيادة الوضوح مثل ما يوجب وصفه إذا قيل: علا زيد الذي منا زيدا الذي منكم، فكما قبل زيادة الوضوح بالصفة قبل زيادة الوضوح بالإضافة من غير حاجة إلى انتزاع تعريفه. وقد يضاف عَلَمٌ لا اشتراك فيه على تقدير وقوع الاشتراك المحْوجِ إلى زيادة الوضوح، كقول وَرقَةَ بنِ نَوْفَل:
وَلُوجا في الذي كَرِهت قريشٌ ... ولو عَجَّت بمكتها عَجيجا
فإذا جازت إضافة مكة ونحوها مما لا اشتراك فيه، فإضافة ما فيه من الاشتراك أولى بالجواز كإيَّا، فإنه قَبْلَ ذكر ما يليه صالح أن يراد به واحد من اثني عشر معنى، فالإضافة إذا له صالحة، وحقيقته بها واضحة. وكان انفرادها بالإضافة دون غيرها من الضمائر كانفراد "أي" بها دون سائر الموصولات. ورفعوا تَوَهُّم حرفية ما يضاف إليه بإضافتها إلى الظاهر في قولهم: فإياه وإيا الشَّواب. والاحتجاج بهذا للخليل على سيبويه شبيه باحتجاج سيبويه على يونس بقول الشاعر:
دَعَوْتُ لما نابَني مِسْوَرا ... فَلَبَّى فَلَبَّى يَدَيْ مِسْوَر
لأن يونس يرى أن ياء "لَبَّيْك" ليست للتثنية، بل هي كياء "لَدَيْك" فاحتج سيبويه بثبوت ياء لَبَّى مع الظاهر، ولو كانت كياء لَدَى لم تثبت إلا مع المضمر كما أن ياء "لدى" لا تثبت إلا مع المضمر، وأما إلزامهم بإضافته أيضا إضافة الشيء إلى نفسه فنلتزمها معتذرين بما اعتذر عنها في نحو: جاء زيد نفسه، وأشباه ذلك.
والكلام على ما في إياك من اللغات غني عن التفسير، إذ ليس فيه إلا النقل، وأعرف لغاته تخفيف الياء.
فصل: ص: يتعينُ انفصالُ الضمير إنْ حُصر بإنما، أو رُفِع بمصدر مضاف إلى المنصوب، أو صفةٍ جَرَتْ على غير صاحبها، أو أُضْمِرَ العاملُ، أو أخِّر،