وأكرمتُه وإياك، فَخَلَفَهُ كما يخلف ضمير الرفع المنفصل ضمير الرفع المتصل عند تعذره، فنسبة المنفصلين من المتصلين نسبة واحدة. ولأن بعض المرفوعات كجزء من رافعه، وقد ثبت لضميره منفصلٌ، فثبوت ذلك لضمير النصب أولى، إذ لا شيء من المنصوبات كجزء من ناصبه، ولأن "إيا" لا تقع دون ندور في موضع رفع، وكل اسم لا يقع في موضع رفع فهو مضمر أو مصدر أو ظرف أو حال أو منادى، ومُبايَنَةُ "إيّا" لغير المضمر متيقنة، فتعيَّن كونه مضمرا.

ولأن "إيا" لو كان ظاهرا لكان تأخره عن العامل واتصاله به جائزا بل راجحا على انفصاله عنه وتقدمه عليه كحال غيره من المنصوبات الظاهرة. والأمر بخلاف ذلك، فامتنع كونه ظاهرا ولزم كونه ضميرا، لكنه وضع بلفظ واحد، فافتقر إلى وصله بما يبين المراد به من الكاف وأخواتها، وهي ضمائر مجرورة بالإضافة لا حروف. هذا هو مذهب الخليل والأخفش والمازني وهو الصحيح، لأن فيه سلامة من ستة أوجه مخالفة للأصل:

أحدها: أن الكاف في "إياك" لو كانت حرفا كما هي في "ذلك" لاستعملت على وجهين: مجردة من لام، وتالية لها، كما استعملت مع "ذا" و"هُنا" ولحاقها مع "إيا" أولى لأنها ترفع توهم الإضافة، فإن ذهاب الوهم إليها مع "إيا" أمكن منه مع "ذا" لأن "إيا" قد يليها غير الكاف، ولذا لم يختلف في حرفية كاف "ذلك" بخلاف كاف "إياك".

الثاني: أنها لو كانت حرفا لجاز تجريدها من الميم في الجمع كما جاز تجريدها مع "ذا" كقوله تعالى (فما جزاءُ من يفعلُ ذلك منكم) و (ذلك خير لكم وأطهر).

الثالث: أنه لو كانت اللواحق "بإيا" حروفا لم يحتج إلى الياء في "إياي" كما لم يحتج إلى التاء المضمومة في "أنا".

الرابع: أن غير الكاف من لواحق "إيا" مجمع على اسميته مع غير "إيا" مختلف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015