وأما هل فيستفهم بها عن التصديق الموجب لا غير، ولذلك قبح: هل زيد قام؟ وهل عمرا ضربت؟. وامتنع: هل زيد قائم أو عمرو؟.

وإلى كون هل للاستفهام الموجب الإشارة بقوله: وتساوي همزة الاستفهام فيما لم يصحب نافيا، ولم يطلب فيه تعيين.

وكثيرا ما يعدى الاستفهام عن أصله فيؤتى به في مقام الإنكار والجحد، فيجرى مجرى النفي. فمما جاء من ذلك بالهمزة قوله تعالى: (أهم يَقْسِمون رحمة ربك) وبهل في قوله تعالى: (وهل نجازي إلا الكفور) وبمتى كقولهم في مقام الجَحْد: متى قلت هذا؟ وبأين نحو ما حكى الكسائي: أين كنت لتنجو مني. أي ما كنت لتنجو مني. وبكيف كقراءة عبد الله. (كيف يكون للمشركين عهدٌ عند الله) وقد جاء ذلك بمَنْ مقرونة بالواو وبعدها إلا في الغالب لقصد الإيجاب، كقوله تعالى: (ومَن يرغبُ عن ملَّة إبراهيم إلا مَنْ سَفِه نفسه) المعنى: وما يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه. ومثله: (ومَن يقنطُ من رحمة ربه إلا الضالون).

وقد يجيء نفي بأيّ فيعطف على ما في حيزها بولا، كقول الشاعر:

فاذهب فأيُّ فتى في الناس أحْرَزَه ... عن حَتْفه ظُلَمٌ دُعْجٌ ولا جَبَل

واعلم أن أصل أدوات الاستفهام الهمزة لأنها تأتي في الإيجاب والنفي، ويستفهم بها عن التصور وعن التصديق، ولكونها أصل أدوات الاستفهام،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015