وإذا كانت حرفا فهي على ثلاثة أضرب: أحدها: أن تكون حرف تقريب، فتدخل على فعل ماض متصرف متوقع، أي منتظر، لتقريبه من الحال.
الثاني: أن تكون حرف تقليل، فتدخل على المضارع المجرد من جازم وناصب وحرف تنفيس لتقليل وقوعه، كقولك: البخيل قد يعطى، والجواد قد يمنع.
الثالث: أن تكون حرف تحقيق، فتدخل على كل من بناء المضارع والماضي لتقرير معناه، ونفي الشك عنه، فدخولها على الماضي كثير كقوله تعالى: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) وقوله تعالى: (ولقد نادانا نوح): (ولقد عهدنا إلى آدم) ومن دخولها على المضارع قوله تعالى: (قد نرى تقلب وجهك في السماء): (قد يعلم الله المُعَوِّقين منكم) وقول الشاعر:
قد أترك القِرْن مُصْفَرًّا أناملُه ... كأنَّ أثوابه مُجَّت بفِرْصاد
وهو في علم البيان من التقليل على طريق التهكم.
ولا يفصل بين قد والفعل إلا بالقسم، كقول الشاعر:
أخالد قد والله أُوطِئْتَ عُشْوة ... وما العاشقُ المظلومُ فينا بسارق
أقرّ بما لم يأته المرءُ إنه ... رأى القطع خيرا من فضيحة عاشق
وقول الآخر:
لقد أرسلوني في الكواعب راعيا ... فقد وأبِي راعي الكواعِبِ أُفْرِسُ