ثابتا لثبوت غيره، لأنها إذا كانت تقتضي نفي تاليها، واستلزامه لتاليه، فقد دلت على امتناع الثاني لامتناع الأول، لأنه (متى انتفى شيء انتفى مساويه في اللزوم، مع احتمال أن يكون ثابتا لثبوت أمر آخر، فيصح إذن أن يقال: لو حرف يدل على امتناع الثاني لامتناع الأول، لأنه) لا يقتضي كونها تدل على امتناع الجواب على كل تقدير، بل على امتناعه بامتناع الشرط المذكور، مع احتمال كونه ثابتا لثبوت أمر آخر، وغير ثابت، لأن امتناع شيء لامتناع علة، لا ينافي ثبوته لثبوت علة أخرى، ولا انتفاءه لانتفاء جميع علله.
وعند أكثر المحققين أن "لو" لا تستعمل في غير المضي غالبا، وليس بلازم، لأنها قد تأتي للشرط في المستقبل بمنزلة إنْ، واحتجوا بنحو قول الشاعر:
ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا ... ومن دون رَمْسَيْنا من الأرض سبسبُ
لظل صدى صوتي ولو كنت رِمّة ... لصوت صدى ليلى يَهَشُّ ويطرب
وقال الآخر:
ولو أن ليلى الأخيليةَ سلمت ... عليّ ودوني جَنْدَل وصفائحُ
لسلمتُ تسليمَ البشاشة أوزَقا ... إليها صدًى من جانب القبر صائحُ
وقوله تعالى: (وليَخْشَ الذين لو تركوا من خلفهم ذريَّة ضعافا خافوا عليهم) وليس بحجة، لأن غاية ما فيه أن ما جعل شرطا للو مستقبل في نفسه، أو مقيد بمستقبل، وذلك لا ينافي امتناعه فيما مضى لامتناع غيره، ولا يحوج إلى إخراج لو عما عهد من معناها إلى غيره.
ولما كانت لو للشرط في الماضي كان دخولها في المضارع على خلاف الأصل، فلم تجزمه في سعة الكلام، كما تجزمه إنْ، وإن كانت مثلها في الاختصاص بالفعل.