ولا يجوز أن يتقدم دليل الجواب على الشرط في السعة إلا إذا كان ماضيا، نحو: آتيك إن أتيتني، ولا يجوز: آتيك إن تأتني إلا في الشعر، كما في قوله:
فلم أرقه إن ينج منها
قال سيبويه: "وقبُح في الكلام أن تعمل إنْ أو شيء من حروف الجزاء في الأفعال حتى تجزمها في اللفظ، ثم لا يكون لها جواب ينجزم بما قبله، فهكذا جرى هذا في كلامهم".
وإذا تقدم دليل الجواب وكان الشرط غير ماض مع "من" أو "ما" أو "أي" وجب لها في السعة حكم الذي، وإن كان المعنى على المجازاة فلا يجزم، ويكون ما بعدها صلة، وما قبلها عاملا فيها، وذلك قولك: آتي من يأتيني، وأقول ما تقولُ، وأعطيك أيَّها تشاءُ، فترفع، لأنه لما امتنع في السعة تأخير أداة الجزاء إذا جزمت ما بعدها، حملوا هذه الأسماء على الذي، لأنه لا قبح فيه، ولم يحملوها على الجزاء إلا في الشعر، وقد تقدم عند ذكر فاء الجواب حكاية كلام سيبويه في هذه المسألة، فلا حاجة إلى إعادته.
ويجب حكم الذي أيضا لمَنْ أو ما أو أي إذا وقعت صفة لا تقع إنْ موضعها، وذلك في صور: إحداها: أن يضاف إليها حين، كقولك: أتذكر إذ من يأتينا نأتيه، وإنما كرهوا الجزاء ههنا لأنه ليس من مواضعه، لأن أسماء الأحيان لا تضاف إلى الجمل الشرطية، ألا ترى أنه لا يقال: أتذكر إذ إن تأتنا نأتك، فلما كان قبيحا في إنْ قبح في سائر أخواتها، ولم يرد إلا في الشعر، كقول لبيد:
على حين مَنْ تَثْبُتْ عليه ذُنوبُه ... يَجِد فقدها إذْ في المقام تَدابُر