لأن ترك تأويله يقتضي أن يكون للفاعل والمفعول حظ في جزم الجواب، وذلك لا يصح اتفاقا، وقد دل الدليل على أن جزم الجواب ليس بالأداة والشرط معا، ولا بالأداة وحدها، فلم يبق ما يحمل عليه قول سيبويه إلا فعل الشرط وحده.
وبهذا الجواب يسلم من ترجيح الاسم على الفعل في العمل، مع أصالته فيه، وفرعية الاسم، وذلك أن الاسم قد عمل في جنسه نحو: هذا ضاربٌ زيدا، وفي غير جنسه نحو: من يكرمْني أكرمْه، فلو لم يكن جزم الجواب بفعل الشرط، لزم كون الفعل مقصور العمل على غير جنسه، وذلك انحطاط أصل عن رتبة فرع، فإذا كان جزم الجواب بفعل الشرط، أمن ذلك، فوجب القول به.
فصل: ص: قد يجزم "بإذا" الاستقبالية حملا على "متى" وتهمل "متى" حملا على "إذا" وقد تهمل "إن" حملا على "لو" والأصح امتناع حمل "لو" على "إن" وقد يجزم مسبب عن صلة الذي تشبيها بجواب الشرط.
ش: "إذا" في الكلام على ضربين: ظرف مستقبل، وحرف مفاجأة. فالتي هي حرف مفاجأة مختصة بالجمل الاسمية، ولا عمل لها.
والاستقبالية مختصة بالجمل الفعلية، وتأتي على وجهين: أحدهما: أن تكون خالية من معنى الشرط، نحو: (والليل إذا يغْشى * والنهار إذا تجلَّى).
والثاني: أن تكون متضمنة معنى الشرط، وهو الغالب فيها، نحو: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا، وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم) وهي كالخالية من معنى الشرط في عدم استحقاق عمل الجزم، لأن إذا الشرطية مختصة بالتعليق على الشرط المقطوع بوقوعه حقيقة أو حكما، كقولك: آتيك إذا احمرّ البُسْر، وإذا قدم الحاج. ولو قلت: آتيك إن احمر البسر، كان قبيحا، فلما خالفت "إذا" "إنْ" وأخواتها فلم تكن للتعليق على الشرط المشكوك في وقوعه، فارقتها في حكمها، فلم يجزم بها في السعة، بل تضاف إلى الجملة، وإذا وليها المضارع كان مرفوعا، كقوله تعالى: (وهو على جمعهم إذا يشاءُ قدير).