الضرب الرابع: حيثما وأين، وهما لتعميم الأمكنة، ولا ينفكان عن الظرفية، ويفترقان بأن أين لا تكون إلا شرطا أو استفهاما، وإذا كانت شرطا جزمت، كقول الشاعر:
أينَ تصرفْ بنا العُداة تجدْنا ... نصرفُ العيسَ نحوها للتّلاقي
وقوله تعالى: (أينما تكونوا يدركْكم الموتُ).
وأما حيثما فلا تكون إلا شرطا، وكانت قبل دخول ما اسم مكان خاليا من معنى الشرط، ملازما للتخصيص بالإضافة إلى جملة، ولا يعمل في الأفعال، ثم أخرجوها إلى الجزاء فضمنوها معنى إن، وجعلوها اسم شرط، فلزمهم إتمامها، وحذف ما يُضافُ إليها، وألزموها ما تنبيها على إبطال مذهبها الأول، وجزموا بها الفعل كقول الشاعر:
حيثُما تستقمْ يُقَدِّرْ لك اللـ ... ــهُ نجاحا في غابر الأزمان
ولا يجوز أن تكون منقولة كإذما إلى الحرفية، لأنها لم تزل عما كانت عليه قبلُ من الدلالة على المكان، بخلاف إذما، فإنها كانت قبل دخول ما عليها اسم زمان ماضٍ خاليا من معنى الشرط، فلما دخلت عليها "ما" صارت أداة شرط بمعنى "إنْ" مختصة بالمستقبل، وزال ما كان فيها من معنى الاسم، ولم نعلم نقلها إلى معنى آخر غير الشرط، فحكمنا بحرفيتها، لأن دلالتها على معنى الحرف مُتَيَقَّنة، ودلالتها على معنى الاسم مشكوك فيها، والحكم بمقتضى ما تُيُقِّن أولى.
الضرب الخامس: أيّ، وهي لتعميم أوصاف الشيء، والأوصاف مشتركة،