وندر مجيء مهما اسم استفهام كقول الشاعر، أنشده أبو علي:
مهما لِيَ الليلةَ مهما ليه ... أوْدَى بنعليّ وسِرْبالَيه
أراد: ما لي الليلة؟ استفهاما على طريق التعجب.
وزعم الشيخ رحمه الله أن "ما" و"مهما" في الشرط قد تردان ظرفي زمان فقال: جميع النحويين يجعلون ما ومهما مثل مَنْ في لزوم التجرد عن الظرفية، مع أن استعمالهما ظرفين ثابت في أشعار الفصحاء من العرب". وأنشد قول الشاعر:
فما تَكُ يابنَ عبد الله فينا ... فلا ظُلما نخافُ ولا افتقارا
وقال عبد الله بن الزّبير:
فما تَحْيَ لا نَسْأمُ حياةً وإن تمُتْ ... فلا خيرَ في الدنيا ولا العيش أجمعا
وقول حاتم الطائي:
وإنك مهما تُعْط نفسك سُؤْلَها ... وفرجَك نالا مُنْتهى الذُّلِّ أجمعا
ولا أرى في هذه الأبيات حجة، لأنه كما يصح تقدير ما ومهما فيها بظرف زمان، كذلك يصح تقديرهما بالمصدر على معنى: أي كَوْنٍ قصير أو طويل تكن فينا فلا نخاف، وأي حياة هنيئة أو غير مرضية تحي فينا لا نسأم، وأي عطاء قليل أو كثير تعط نفسك سؤلها وفرجك نالا منتهى الذل. لكن يتعين جعل ما ومهما في الأبيات المذكورة مصدرين، لأن في كونهما ظرفين شذوذا وقولا بما لا يعرفه