قبلها، وإما حرف ابتداء بمنزلة الفاء، فتأتي بعد تمام الكلام، داخلة على جملة محصلة المعنى، مسببة عما قبلها، متصلة به، أو منقطعة عنه، فيليها المضارع مرفوعا لكونه مستأنفا لم يدخل عليه ناصب ولا جازم.

ولا يخلو المضارع بعد حتى من أن يكون مستقبلا أو حالا أو ماضيا، فإن كان مستقبلا فهي حرف جر بمعنى إلى أو كي، والفعل بعدها نصب بإضمار أن، ليكون معها اسما مجرورا بحتى، وذلك قولك: لأسيرن حتى تطلعَ الشمس، أي: إلى أن تطلع الشمس، وكلمته حتى يأمر بشيء، أي: كي يأمر، ولا يجوز كونها ابتدائية ورفع ما بعدها، لأنه غير محصل لكونه مستقبلا.

وإن كان المضارع بعد "حتى" حالا فهي حرف ابتداء، وما بعدها رفع، لأنه منقطع عما قبلها، فلم يدخل عليه ناصب ولا جازم، وذلك قولك: سرت حتى أدخُلها الآن، ومرض حتى لا يرجونه، وضرب أمس حتى لا يستطيعُ أن يتحرك اليوم، ورأى مني عاما أول شيئا حتى لا أستطيعُ أن أكلمه العام بشيء، وقول حسان:

يُغْشَوْن حتى ما تَهِرُّ كلابُهم ... لا يسألون عن السَّواد المُقْبِل

ولا يجوز أن تكون جارة، لأن الجارة لا تدخل على المضارع إلا منصوبا بأن مضمرة، وأن لا تنصب الحال.

وإن كان المضارع بعد حتى ماضي المعنى فهو مؤول إما بالمستقبل نظرا إلى أنه غاية لما قبل حتى، فهو مستقبل بالإضافة إليه، وإما بالحال على قصد الإخبار بمضى ما قبل حتى وحكاية حال ما بعدها.

فإن كان الماضي المعنى غير فضلة، أو غير متسبب عما قبل حتى، أو محله غير صالح للابتداء لأنه جعل غاية، فهو مؤول بالمستقبل.

فالأول كما إذا وقع اسم كان الناقصة، كقولك: كان سيري حتى أدخلَها، فتنصب على التأويل بالمستقبل، وجعل حتى الجارة في موضع خبر كان، ولا يجوز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015