تلوت. ومن حكم الإدغام إلى حكم الفك في قوله صلى الله عليه وسلم "أيتكن صاحبة الجَمل الأدْبَب تَنْبحها كلاب الحوْأب" وإنما بابه الأدَبّ. وكما حملت على الخروج من وزن الكلمة إلى غيره، كقول العرب: أخذه ما قَدُم وما حدُث، وهَنَاه ومرَأه، وفعلته على ما يسُوءُك وينُوءُك. ولا يقولون في الإفراد إلا: حدَث، وأمرأه، وأناءهُ يُنِيئُه. وهذا ونحوه المراد بقولي (كما قد يسَوِّغ لكلمات غيرَ مالها من حكْم ووزن).
ص: ومن البارز المتصل في الجرّ والنصب "ياء" للمتكلم، و"كاف" مفتوحة للمخاطب ومكسورة للمخاطبة، و"ها" للغائبة و"هاء" مضمومة للغائب، وإن ولِيَتْ ياءً ساكنةً أو كسرةً كسَرها غيرُ الحجازيين، وتُشْبَع، حرّكتها بعد مُتحرّك، ويختار الاختلاسُ بعد ساكن مطلقا وفاقا لأبي العباس، وقد تُسَكَّنُ أو تُخْتَلَس الحركة بعد مُتحرّك عند بني عُقَيل وكلابٍ اختيارا، وعند غيرهم اضطرارا، وإن فَصَل المتحركَ في الأصل ساكنٌ حذِفَ جَزْمًا أو وقْفًا جازت فيه الأوجه الثلاثةُ.
ش: البارز خلاف المستكن، والمتصل خلاف المنفصل، وإضافة الياء إلى المتكلم لئلا يذهب الوهم إلى ياء المخاطبة. ولما كان سبب وضع الضمائر طلبَ الاختصار ناسب ذلك أن يُشْرَكَ بين الجر والنصب في الضمائر التي منها ياء المتكلم وكاف المخاطب والمخاطبة وها الغائبة وهاء الغائب وما يتفرع من ذلك، وسيأتي الجميعُ مبَيَّنا إن شاء الله تعالى. والمفْتَقَرُ إليه الآن مثُلٌ يستأنس بذكرها، فمثال ذلك في الياء (ربِّي أكْرَمَني) ومثاله في الكاف (ما ودّعك ربُّك) ومثاله في ها الغائبة (وتقْواها* قد أفلح من زكّاها) ومثاله في هاء الغائب (فقال لصاحبه وهو يُحاورُه).