وقال الكوفيون: الرافع للمضارع خلوه من الناصب والجازم، فجعلوا الرافع له تجرده من العوامل اللفظية ليسند، كما كان الرافع للمبتدأ تجرده من العوامل اللفظية ليسند إليه. وبهذا القول قال شيخنا رحمه الله، واستدل على صحته بفساد ما قاله البصريون، من قِبَلِ أن الرافع للمضارع لو كان وقوعه موقع الاسم لما ارتفع بعد "لو" وحروف التحضيض لأنها مختصة بالأفعال، فليس المضارع بعدها في موضع الاسم، وقد رفعوه بعدها نحو: لو يقومُ زيد قمت، وهلا تفعلُ ذاك. فعلم أن الرافع له ليس وقوعه موقع الاسم، فوجب أن يكون تجرده من الناصب والجازم.

فإن قيل: لا نسلم أن الرافع للمضارع لو كان وقوعه موقع الاسم لما ارتفع بعد هذه الحروف، لأن المراد بموقع الاسم، الموضع الذي هو للاسم بالجملة، وما بعد هذه الحروف هو للاسم، بدليل قولهم: لو ذاتُ سوار لطمتني، وهلا زيدٌ قام. فإذا وقع فيه المضارع استحق الرفع للعلة المذكورة.

فالجواب: لا يخلو مراد كم بموقع الاسم إما أن يكون الموضع الذي هو للاسم في الأصل، أو الموضع الذي هو للاسم في الاستعمال، أو الموضع الذي هو للاسم في أحدهما. وأيا ما كان يلزم منه بطلان قولكم: رافع المضارع وقوعه موقع الاسم، لأنه ينتقض على الأول بالرفع بعد حروف التحضيض قطعا، لأنه موضع ليس للاسم في الأصل. وعلى الثاني بالرفع بعد كاد ونحوها، لأنه موضع ليس للاسم في الاستعمال. وعلى الثالث بالجزم بعد إن الشرطية، فإنه موضع هو للاسم في الاستعمال، كما قي قوله تعالى: (وإن أحدٌ من المشركين استجارك) فلو كان رافع المضارع وقوعه موقع الاسم في الجملة ما كان بعد إن الشرطية إلا مرفوعا، فلما لم يرفع علم أن رافع المضارع ليس وقوعه موقع الاسم، فتعين أن يكون خلوَّه من الناصب والجازم، كما قال الكوفيون.

ص: وينصب بأنْ، ما لم تل عِلْما أو ظنّا في أحد الوجهين فتكون مخففة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015