والمبني على ضربين: مبني بناء متجددا لسبب النداء، ومبني بناء غير متجدد بسبب النداء. فالأول يبنى على ضمة ملفوظ بها نحو: يا زيد، ويا رجل. ومقدرة نحو: يامولى، ويا هادي، ويافتى. وعلى ألف نحو: يازيدان. وعلى واو نحو: يا زيدون.
والثاني مبني في التقدير على ضمة، وفي اللفظ على ما كان مبنيا عليه قبل النداء، نحو: ياهؤلاء، ويا سيبويهِ، ويارقاشِ، ويا خمسة عشر، ويا برق نحره.
وهذه الأنواع كلها داخلة في قولي: يبنى المنادى لفظا أو تقديرا على ما كان يرفع به. أما دخول ما تجدد بناؤه بسبب النداء فظاهر. وأما دخول ما سبق بناؤه فلأن هؤلاء وسيبويه ورقاش وبرق نحره قد كانت قبل النداء تقع في موضع الرفع فتنوي ضمة الإعراب في موضعها، وتجدد لها في النداء تقدير ضمة البناء، ويدل على ذلك رفع تابعها نحو: ياهؤلاء الرجالُ، ويارقاشِ الحسنةُ. ونبهت بقولي: على ما كان يرفع به لو لم يناد على نحو: يا مكرمان، مما لا استعمال له في غير النداء.
ثم بينت أن من شرط النداء المستحق للبناء كون المنادى غير مجرور بلام الجر، وكونه غير عامل فيما بعده. ولا مكمَّل قبل النداء بعطف نسق، فخرج باستثناء المجرور باللام المستغاث نحو: يالله للمسلمين، والمتعجب منه نحو: ياللعبر، وياللآيات. وباستثناء العامل فيما بعده المضاف نحو: ياذا الجلال والإكرام، والشبيه به نحو: ياعظيما فضله، ويالطيفا بالعباد، ويا عشرين رجلا. وباستثناء المكمل قبل النداء بعطف النسق نحو: يازيدا وعمرا، في المسمى بهما.
وادعى المبرد أن تعريف: يا زيد، متجدد بالنداء بعد إزالة تعريف العلمية، لئلا يجمع بين تعريفين. والصحيح أن تعريف العلمية مستدام كاستدامة تعريف الضمير واسم الإشارة والموصول في: ياإياك، وياهذا، ويا من حضر. ولأن النداء لا يلزم من دخوله على معرفة اجتماع تعريفين، على أنه لو علم اجتماع تعريفين لجعل أحدهما مؤكدا للآخر، ومسوقا لزيادة الوضوح، كما تساق الصفة لذلك، ويكون ذلك نظير اجتماع دليلي المبالغة في: علامة ودَوّاريّ.
ويجوز في المفرد المعرف بالقصد والإقبال إجراؤه مجرى العلم المفرد في البناء،