ويبدل الظاهر من المضمر كثيرا، ومنه قول الشاعر:
على حالةٍ لو كان في القومِ حاتمٌ ... على جوده لضَنَّ بالماءِ حاتمِ
ومنه:
المُنْعِمون بنو حرب وقد حَدَقَتْ ... بِيَ المنيةُ واستَبْطأت أنصاري
قومٌ إذا حاربوا شَدُّوا مآزرهم ... دون النساء ولو باتت بأطْهار
بنو حرب بدل من الضمير في "المنعمون" ولا يجوز أن يكون مبتدأ والمنعمون خبرا، لأن: وقد حدقت، حال العامل فيه منعمون، فلو جعل: بنو حرب خبر المبتدأ، لزم الإخبار عن الموصول قبل تمام الصلة.
قال أبو الفتح: (وترى كلَّ أمةٍ جاثية كلَّ أمة تُدْعى) وجاز إبدال الثانية من الأول لما في الثانية من الإيضاح الذي ليس في الأولى، لأن في الثانية ذكر السبب الداعي إلى جثوها". فهذا الكلام يدل على أن التابع إذا وافق لفظه لفظ المتبوع لا يجعل بدلا حتى يكون معطيا من المعنى بما اتصل به مالم يعطه الأول، بخلاف قول الزمخشري: بك بدل من بك.
ويبدل المضمر من الظاهر نحو: رأيت زيدا إياه. والمضمر من المضمر نحو: رأيتك إياك. ولم أمثل بهذين المثالين إلا جريا على عادة المصنفين المقلد بعضهم بعضا. والصحيح عندي أن نحو: رأيت زيدا إياه، لم يستعمل في كلام العرب نثره ونظمه، ولو استعمل لكان توكيدًا لا بدلا. وأما: رأيتك إياك، فقد تقدم في باب التوكيد أن البصريين يجعلونه بدلا، وأن الكوفيين يجعلونه توكيدا، وأن قول الكوفيين عندي أصح، لأن نسبة المنصوب المنفصل من المنصوب المتصل في: رأيتك إياك،