وزعم أبو علي الفارسي أن "ما" في نحو: مررت برجل ما شئت من رجل، مصدرية نعت بها وبصلتها، كما ينعت بالمصدر الصريح، وليس قوله بصحيح، لأن المصدر لكونه أصل الفعل اختص بالتوكيد به، وبوقوعه نعتا وحالا، والحرف المصدري لا يؤكد به فعل، ولا يقع نعتا ولا حالا، فلو جعل نعتا في المثال المذكور لزمت مخالفة النظائر، ولو جاز أن ينعت بالحرف المصدري وصلته لجاز أن يقع موقع المصدر الصريح إذا نعت به، فكان يقال في موضع: مررت برجل رضًى، مررت برجل أن يرضى. وأيضا فإن المصدر المقدر في موضع المذكور معرفة، لأن فاعل صلتها معرفة، والمصدر المنعوت به نكرة لا يكون إلا نكرة، كرجل عدل ورضى، فبطل تقدير ما شئت مصدرا. والصحيح أن "ما" في المثال المذكور شرطية، محذوفة الجواب، ولكون "ما" شرطية حسن وقوع "مِنْ" بعدها لبيان الجنس، كقوله تعالى (وما تفعلوا من خير يعلمه الله) ولو كانت مصدرية لم يحسن وقوع "من" بعدها.
فصل: ص: يُفَرّق نعتُ غير الواحد بالعطف إذا اختلف، ويجمع إذا اتفق، ويُغَلّب التذكير والعقل عند الشمول وجوبا، وعند التفصيل اختيارا.
وإن تعدد العامل واتحد عمله ومعناه ولفظه أو جنسه جاز الإتباع مطلقا، خلافا لمن خصص ذلك بنعت فاعلي فعلين وخبري مبتدأين. فإن عُدِم الاتحاد وجب القطع، بالرفع على إضمار مبتدأ، أو بالنصب على إضمار فعل لائق ممنوع الإظهار في غير تخصيص بوجهيه في نعت غير مؤكد، ولا ملتزم، ولا جار على مشاربه، وإن كان لنكرة يشترط تأخيره عن آخر.
ش: تفريق نعت غير الواحد إذا اختلف نحو: مررت برجلين كريم وبخيل، ورغبت في الزيدين القرشي والتميمي، ومنه قول الشاعر:
فوافيناهم منا بجمع ... كأُسْد الغاب مُرْدانٍ وشيب