وكلانا من قول الشاعر:
فما أعْلَمَ الواشين بالسر بيننا ... ونحن كلانا للمحبة كاتم
مبتدأ خبره كاتم، وليس بتوكيد نحن، إذ لو كان توكيدا لم يجز إفراد كاتم، لأنه على ذلك التقدير خبر نحن.
وقال سيبويه رحمه الله في: باب ما ينتصب فيه الاسم لأنه لا سبيل إلى أن يكون صفة: وسألت الخليل رحمه الله عن: مررت بزيد وأتاني أخوه أنفسهما، فقال: الرفع على: هما صاحباي أنفسهما، والنصب على أعنيهما أنفسهما" فأجاز حذف المؤكَّد، والاستغناء عنه بالمؤكِّد، وهذا ضعيف بين الضعف، لأن المؤكّد مذكور كتقوية، ويبين كونه مرادا به الحقيقة لا المجاز، فالاستغناء عنه بالمؤكّد بمنزلة الاستغناء بعلامة على معنى في شيء غير مذكور، كالاستغناء بحرف التعريف عن المُعَرَّف، وبعلامة التأنيث عن المؤنث، مع ما في تقديره من كثرة الحذف، ومخالفة المعتاد، وذلك أن في كلا الوجهين تقدير ثلاثة أشياء: في الرفع تقدير مبتدأ ومضاف ومضاف إليه، وفي النصب تقدير فعل وفاعل ومفعول، وفي التقدير الأول مخالفة لقاعدة التقدير من قبل أنه قدر: هما صاحباي، وما في الكلام دليل على الصحبة، والمعتاد في الحذف أن يكون في الباقي دلالة على المحذوف، وكان الأولى بعد أن نسلم التقدير أن نقدر: هما معنيان أنفسهما، كما قدر في النصب: أعنيهما، لأن كونهما معنيين معلوم، وكونهما صاحبين غير معلوم. وأيضا فإن هذا الحذف المدعى هو من من حذف المتبوع وإبقاء تابعه، والأصل فيه حذف المنعوت وإبقاء نعته قائما مقامه، وإنما جعلت حذف المنعوت أصلا لكثرته، وكونه مجمعا على صحة استعماله، ومع ذلك لا يستعمل إلا والعامل في المنعوت المحذوف موجود، وما مثل به الخليل من حذف المذكور، فالعامل فيه محذوف، فتجويزه يستلزم مخالفة النظير فيما هو أصل أو كالأصل.
ولا يجيز البصريون: مررت بقومك إما أجمعين وإما بعضهم، وأجازه الفراء على تقدير: مررت بقومك أجمعين وإما بعضهم. ويلزم سيبويه التجويز على تقدير: