يا ليتني كنت صبيا مُرْضَعا ... تحملني الذَّلْفاء حولا أكتعا
إذا بكيت قبلتني أربعا ... إذن ظللت الدهر أبكي أجمعا
وحكى الفراء: أعجبني القصر أجمعَ، والدار جمعاءَ بالنصب على الحال، ولم يجز في أجمعين وجمع إلا التوكيد. وأجاز ابن درستويه حالية أجمعين، وما ذهب إليه هو الصحيح، لأنه قد صح بضبط الثقات من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلى قائما فصلوا قياما، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين" وممن صحح النصب في أجمعين المذكور في الحديث المذكور القاضي عياض رحمه الله، وقال: إنه منصوب على الحال. ويروى: "فصلوا جلوسا أجمعون" على أنه توكيد للواو من فصلوا. وجعل بعضهم أجمعين توكيدا لضمير مقدر منصوب، كأنه قال: أعنيكم أجمعين؛ وهذا القول شبيه بقول سيبويه رحمه الله في: باب ما انتصب فيه الاسم لأنه لا سبيل إلى أن يكون صفة: مررت بزيد وأتاني أخوه أنفسهما". هكذا قال سيبويه رحمه الله.
وقد يستعمل جمعاء بمعنى مجتمعة فلا يقصد بها توكيد، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كما تناخ الإبل من بهيمة جمعاء" أي مجتمعة الخلق. وأجاز أبو علي الشلوبين استعمال أجمع بهذا المعنى فتأول به قول الراجز:
أرمي عليها وفي فرعٌ أجمعُ ... وهي ثلاث أذرع وإصبع
ص: ولا يتحد توكيد معطوف ومعطوف عليه إلا إذا اتحد معنى عامليهما، وإن أفاد توكيد النكرة جاز، وفاقا للأخفش والكوفيين، ولا يحذف المؤكَّد ويقام المؤكِّد مقامه على الأصح، ولا يفصل بينهما بإمّا خلافا للفراء. وأجري في التوكيد مجرى كل ما أفاد معناه من الضرع والزرع والسهل والجبل، واليد