الظاهر، لأن لبناء الأسماء أسبابا كلها منتفية منه، فيلزم من الحكم ببنائه مخالفة النظائر، فلذلك أتبعته ردا، ولم أر من خلافه بدا.
فإن زعم أن سبب بنائه إضافته إلى غير متمكن، رد ذلك بثلاثة أمور: أحدها: استلزامه بناء المضاف إلى سائر المضمرات، بل إلى كل الأسماء التي لا تمكن لها، وذلك باطل، وما استلزم باطلا فهو باطل.
الثاني: أن ذلك يسلتزم بناء المثنى المضاف إلى ياء المتكلم، وبناؤه باطل، وما يستلزم باطلا فهو باطل.
الثالث: أن المضاف إلى غير متمكن لا يبنى لمجرد إضافته، بل للإضافة مع كونه قبلها مناسبا للحرف في الإبهام والجمود كغير، والمضاف إلى ياء المتكلم لا يشترط ذلك في كسر آخره، فدل ذلك على أنه غير مستحق للبناء.
وقد ينتصر للجرجاني بأن يقال: لا أسلم انحصار ما يوجب بناء الأسماء في مناسبة الحرف، يضاف إليها كون آخر الكلمة لا يتأتى فيه تأثر بعامل في تصغير وتكبير وتكسير وتأنيث وتذكير، فلزم من ذلك بناء المضاف المذكور، وثبوت الفرق بينه وبين المقصور، فإن إعرابه يظهر في تصغيره كفتيّ، وفي تكسيره كفتية، وفي تأنيثه كفتاة، والمضاف إلى ياء المتكلم لا يظهر إعرابه في الأحوال الخمسة، فمن ادعى فيه إعرابا مقدرا فقد ادعى مالا دليل عليه، بخلاف المقصور فإن ظهور إعرابه في الأحوال الثلاثة يدل على صحة ما ذهب إليه.
وقد ينتصر له أيضا بأن يقال: لا أسلم خلو المضاف إلى ياء المتكلم من مناسبة الحرف، لأنه شبيه "بالذي" في أن آخره ياء كياء "الذي" في كونها بعد كسرة لازمة، وصالحة للحذف، وغير حرف إعراب، وفي أنه يتغير في التثنية تغيرا متيقنا، وفي الجمع تغيرا محتملا، والذي مناسب للحرف، ومناسب المناسب مناسب، فاستحقاق بناء المضاف إلى الياء بمناسبة الذي، شبيه باستحقاق بناء رَقاشِ بمناسبة نزالِ.
وهذا التوجيه والذي قبله من المعاني التي انفردت بالعثور عليها، دون سبق إليها.
وقولي: "ويكسر متلوها" أي متلو الياء، كقولك في: قلم: قلمِي، وتجرى