اعتباره. وأن اعتبار معنى غيره ممتنع، أو متوصل إليه بتكلف لا مزيد عليه، فصح ما أردناه والحمد لله.

وأما الإضافة بمعنى "من" فمضبوطة بكون المضاف بعض المضاف إليه، مع صحة إطلاق اسمه عليه، والإخبار به عنه كثوب خزّ، وخاتم فضّة، فالثوب بعض الخزّ، ويصح إطلاق اسمه عليه والإخبار به عنه، وكذلك الخاتم بالنسبة إلى الفضة. ومن هذا النوع إضافة الأعداد إلى المعدودات، والمقادير إلى المقدرات. فأما نحو يد زيد فالإضافة فيه بمعنى اللام، لا بمعنى من، لامتناع الإخبار فيها بالثاني عن الأول وإن كان الأول بعضا للثاني. وكذا الإضافة في نحو يوم الخميس هي أيضا بمعنى اللام لا بمعنى من لكون الأول ليس بعضا للثاني وإن كان الإخبار فيها بالثاني عن الأول غير ممتنع. هذا معنى قول ابن السراج – رحمه الله – وهو الصحيح، لا قول ابن كيسان والسيرافي فإنهما جعلا إضافة كل إلى بعض بمعنى من على الإطلاق.

وإذ قد انضبطت مواضع الإضافة التي بمعنى "في" ومواضع الإضافة التي بمعنى "من" فيلعلم أن كل إضافة سواهما فهي بمعنى "اللام"، وإن لم يحسن تقدير لفظها نحو زيد عند عمرو، وعمرو عند خالد، فلا يخفى أن لفظ اللام لا يحسن تقديره هنا، ومع ذلك يحكم بأن معناها مراد، كما حكم بأن معنى "من" في التمييز مراد، وإن لم يحسن تقدير لفظها. وأن معنى "في" في الظرف مراد، وإن لم يحسن تقدير لفظها. وقد يحسن تقدير من وتقدير اللام معا، ويجعل الحكم للام لأنها الأصل، ولذلك اختصت بجواز إقحامها بين المضاف والمضاف إليه في نحو:

يابُؤسَ للحربِ التي ... وَضَعَتْ أراهِطَ فاستراحوا

أراد يابؤس الحرب.

ودخل في قولي "ويزال ما في المضاف من تنوين" المنون لفظا كغلام، والمنون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015