أراد: لا نسيتك، فحذف النافي لأن المعنى لا يصح إلا بتقديره، ولأنه لو أراد الإثبات لقال: لقد نسيتك أو لنسيتك.
وهذا النوع مع ظهور المعنى دون تقدم نفي آخر على القسم قليل. فإن تقدم نفي كان الحذف أحسن كقول الشاعر:
فلا واللهِ نادى الحيَّ ضَيْفي ... هُدُوًّا بالمَساءةِ والعِلاط
أراد فلا والله لا نادى، فحذف النافي الثاني استغناء عنه بالأول. وقد يجتمعان توكيدا كقول الله تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتّى يُحكِّمونك فيما شجر بينهم) وكقول أبي ذر "فلا والله أسألهم دنيا ولا أستفتيهم عن دين" وقد يكون الجواب مثبتا مع تقدم حرف نفي على القسم كقوله تعالى (لا أقسم بهذا البلد * وأنت حلّ بهذا البلد * ووالد وما ولد * لقد خلقنا الإنسان في كبد)، وكقول عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:
فوالله ما نلْتُم ومانيل منكم ... بمُعتدل وَفْقٍ ولا مُتقارب
أراد ما مانلتم وما نيلَ منكم بمعتدل، فحذف "ما" النافية وأبقى "ما" الموصولة، وجاز ذلك لدلالة دخول الباء الزائدة في الخبر، ولدلالة العطف بولا.
ويجوز على مذهب الكوفيين أن تكون "ما" النافية، والمحذوفة الموصولة، ولا يجوز هذا على مذهب البصريين، لأنهم لا يجيزون بقاء الصلة بلا موصول في اللفظ