وعن معدان بن أبي طلحة رضي الله عنه قال: لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: (أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة؟ -وكرر الشيء ثلاث مرات- فقال ثوبان: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: عليك بكثرة السجود لله).
وكل إنسان يريد أن يدخل الجنة، ولكن دخولها ليس بسيطاً ولا سهلاً، فمن أراد دخولها فليعمل لها، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم ينصح أصحابه أن من أراد أن يدخل الجنة فليعنه على نفسه بكثرة السجود، فقال لـ ثوبان: (عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط بها عنك خطيئة).
وعن ربيعة بن كعب، قال: (كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم نهاري)، وقد كان الصحابة يحبون أن يخدموا النبي صلى الله عليه وسلم، طمعاً في الأجر من الله عز وجل.
فهذا ربيعة بن كعب رضي الله عنه يقول: (كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم نهاري، فإذا كان الليل أويت إلى باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبت عنده)، يعني: يريد أن يكون خادماً للنبي صلى الله عليه وسلم بالليل وبالنهار، فكان بالنهار يخدمه، بالليل ينام بجوار عتبة باب النبي صلى الله عليه وسلم لعل النبي صلى الله عليه وسلم يحتاجه في شيء، قال: (فلا أزال أسمعه يقول: سبحان الله! سبحان الله! سبحان ربي! حتى أمل أو تغلبني عيني فأنام فقال يوماً: يا ربيعة! سلني فأعطيك)، يعني: اطلب مني ما تحتاجه فأعطيك كما خدمتني.
(قال: فقلت: أنظرني حتى أنظر)، يعني: حتى أفكر فيما أسألك.
(قال: وفكرت أن الدنيا فانية منقطعة، فقلت: يا رسول الله! أسألك أن تدعو الله أن ينجيني من النار ويدخلني الجنة).
أي: أنه فكر أنه لو طلب منه مالاً أو أرضاً أو إبلاً أو بقراً فسيعطيه، ولكن هذا كله سيزول، فقال: أطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله أن ينجيني من النار وأن يدخلني الجنة، فلما طلب ذلك قال: (فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: من أمرك بهذا؟ -من الذي علمك أن تقول لي هذا؟ - قال: قلت: ما أمرني به أحد، ولكني علمت أن الدنيا منقطعة فانية، وأنت من الله بالمكان الذي أنت منه، فأحببت أن تدعو الله لي، فقال صلى الله عليه وسلم: إني فاعل)، أي: سأدعو لك، ولابد لك من أن تعمل، فقال: (إني فاعل أي: سأدعو لك- فأعني على نفسك بكثرة السجود).
يعني: لا تتكل على دعائي فإنما هو وسيلة، ولكن لابد لك من فعل السبب الذي تستحق به هذا، وهو أن تكثر من السجود، حتى يقبل الله عز وجل دعائي لك.