يقول سهل بن سعد رضي الله عنه: (ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقي) أي: الخبز الأبيض ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم، فالراوي عنه يسأله: هل كان لكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم منخل، أي: غربال؟ فاليوم كل واحد منا في بيته غربال؟ يقول سهل: (ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم منخلاً من حين ابتعثه الله تعالى حتى قبضه الله)، قال السائل: فكيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول؟ هذا سهل بن سعد والذي يليه ويروي عنه ويسأله من التابعين، وكأن المال كثر فاعتادوا على هذا الشيء، فلما اعتادوا نسوا ماذا كان يصنع النبي صلى الله عليه وسلم، فيسأل عن الخبز كيف يأكله عليه الصلاة والسلام؟ فيسأل سؤال المستغرب المتعجب كيف تصنعون الخبز؟ كيف إذا كان الأمر على ذلك؟ فالإنسان عندما يعيش في النعم ينسى أن غيره لا يجد ذلك.
يعني: نحن الآن حين نأكل طعامنا كيف نأكل القمح، فمن الضروري أن يكون مطحوناً ومنخولاً، وعندما نتذكر شخصاً يأخذ القمح من الحقل مباشرة فيفرك القمح في يده، ثم يأكله نتعجب لهذا الشيء، من الذي يأكل القمح بهذه الصورة؟ وكانوا يأكلونه من قبل على هذه الصورة، وكان يشبعهم ذلك الذي يأكلونه، فلم يروا من الدنيا إلا الشيء القليل.
يقول هنا: كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول؟ فقال: كنا نطحنه وننفخه، فيطير ما طار وما بقي ثريناه، أي: والباقي نضع عليه ماء ونعجنه ونأكله.
ومن الأحاديث حديث أم أيمن رضي الله عنها وهي حبشية وكانت حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم، وزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بحبه زيد بن حارثة وولدت له أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذه أم أيمن أحبت أن تتحف النبي صلى الله عليه وسلم بشيء تملكه، فغربلت دقيقاً، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم أنها غربلت الدقيق، لكن أتت بدقيق أبيض أمامه صلى الله عليه وسلم، فكانت قد غربلته ونخلته.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما هذا؟ قالت: طعام نصنعه بأرضنا)، يعني: في الحبشة كنا نصنعه هكذا، نغربل الدقيق حتى يكون أبيض، قالت: فأحببت أن أصنع لك منه، أحبت أن تكرم النبي صلى الله عليه وسلم برغيف، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (رديه) أي: ردي النخالة فيه.