يكره أن يتخذ المسجد مكاناً للحرفة كالخياطة ونحوها؛ لحديث أنس: (إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن) فصاحب الحرفة الخياط مثلاً إذا أتى بقماشة إلى المسجد وجلس يسمع درس علم وهو يخيط فهذا لا يجوز، فإما أن يحضر للعلم وإما يخيط قماشه في محله ولا داعي لأن يأتي إلى المسجد.
ولا يجوز استلقاء النائم في المسجد على ظهره واضعاً إحدى الرجلين على الأخرى، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
فقد جاء في صحيح مسلم عن جابر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد، وأن يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلق على ظهره) فمن الأدب ألا يضع الإنسان رجل على الأخرى وهو مستلق على ظهره، وعللوا ذلك بالانكشاف وأنه قد ينكشف فخذه وقد تنكشف عورته، لكن إذا أمن ذلك ولم يكن معه أحد وكان منفرداً جاز له، فقد جاء عن عباد بن تميم عن عمه: (أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقياً في المسجد واضعاً إحدى رجليه على الأخرى).
يقول الحافظ ابن حجر: والظاهر أن فعله صلى الله عليه وسلم كان لبيان الجواز، وكان ذلك في وقت الاستراحة -يعني في وقت كان نائماً مستريحاً في المسجد صلى الله عليه وسلم- قال: لا عند مجتمع الناس، لما عرف من عادته صلى الله عليه وسلم من الجلوس بينهم بالوقار التام.
فالنبي صلى الله عليه وسلم كان غاية في الأدب، فكان إذا جلس في وسط أصحابه يجلس وعليه السكينة، ويقول: (أجلس كما يجلس العبد وآكل كما يأكل العبد)، وإنما كان يفعل ذلك في حالة عدم وجود عدد كبير من الصحابة.