الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الإمام المنذري رحمه الله: [الترغيب في العمل الصالح عند فساد الزمان.
عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وذكر الحديث وفيه -: (فإن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عمله).
رواه ابن ماجة، والترمذي، وقال: حديث حسن غريب، وأبو داود، وزاد: (قيل: يا رسول الله، أجر خمسين رجلاً منا أو منهم؟ قال: بل أجر خمسين منكم).
وعن معقل بن يسار رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (عبادة في الهرج كهجرة إلي).
وقال الإمام المنذري رحمه الله تعالى: [الترغيب في المداومة على العمل وإن قل.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصير، وكان يحجره بالليل فيصلي عليه ويبسطه بالنهار فيجلس عليه، فجعل الناس يثوبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيصلون بصلاته حتى كثروا فأقبل عليهم فقال: يا أيها الناس، خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحبَّ الأعمال إلى الله ما دام وإن قل)].
ورغب النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين في أن يعملوا الأعمال الصالحة في كل وقت، وخاصة حين لا يجدون ما يعينهم على الصلاة وعلى تقوى الله سبحانه وعلى أعمال الخير.
ففي الحديث الأول يقول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (فإن من ورائكم أيام الصبر) يقول هذا للصحابة وهم الذين جاهدوا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى فتح الله عز وجل لهذا الدين قلوب الناس بلدانهم، وهذا من فضله ومن كرمه سبحانه، وأصبح المؤمنون أعزةً بعدما كانوا أذلة، وأقوياء بعدما كانوا ضعفاء، وأصبحوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويجدون من يعينهم على ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم معهم يعلمهم ويؤدبهم ويربيهم عليه الصلاة والسلام، فيذكر لهم أنه ستأتي بعد زمانهم أيام الصبر فيهن مثل القبض على الجمر.