ومن الأحاديث الدالة على توبة ربنا العظيم على عباده ما جاء في صحيح مسلم من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: (أن امرأة من جهينة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا، فقالت: يا رسول الله! أصبت حداً فأقمه علي -يعني: جاءت تائبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم- أصبت حداً فأقمه علي، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وليها، فقال: أحسن إليها)، فلم يأمره بالإساءة إليها، ولم يأمره بأن يؤنبها وأن يضربها، ولكن أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إليها حتى تضع ولدها، (فلما وضعت المرأة وجاء بها وليها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها فشدت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها) أي: بعدما رجمت المرأة صلى عليها صلاة الجنازة.
فقال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم: (تصلي عليها يا رسول الله وقد زنت؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم)، هي وقعت في فاحشة، ولكنها تابت إلى الله سبحانه تبارك وتعالى توبة عظيمة، بل إنها جاءت بنفسها ليرجمها النبي صلى الله عليه وسلم ويقيم عليها هذا الحد.
قال: (وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل؟)، فإنها جادت بنفسها، وجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقيم عليها الحد، فهذه التوبة التي تابتها هذه المرأة التي وقعت في الفاحشة قبلها الله عز وجل، وأعطاها رحمة لو وزعت هذه الرحمة على سبعين من أهل المدينة من العصاة لوسعتهم.
نسأل الله سبحانه من فضله ورحمته، وأن يتوب علينا توبة نصوحاً.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.