روى مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم).
لما قالها النبي صلى الله عليه وسلم مرة واثنتين وثلاثاً قال أبو ذر: (خابوا وخسروا منهم يا رسول الله؟! قال: المسبل، والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب).
والمسبل هو: الذي يلبس القميص أو البنطلون أو الإزار ويجرجره في الأرض، وما أكثر ذلك، فتراه يمشي في المجالس فيلوث ثوبه، ويصلي على هذا الحال، هذا المسبل لا ينظر الله عز وجل إليه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما زاد عن الكعبين فهو في النار)، وتجد الكثير من الناس في غفلة عن حديث النبي صلوات الله وسلامه عليه، وإذا قلت لإنسان: ارفع بنطلونك عن الأرض، أو ارفع قميصك قال: الموضة هكذا، أي موضة هذه التي ستودي بك إلى نار جهنم، وتكون من الذين لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم؟ هو الذي يعطي الشيء ويمن على من أعطاه، ويهدي الهدية ويمن عليها ويتصدق على إنسان بصدقة ويفضحه بين الناس ويمن عليه، فاحذر أن تمن على أحد بشيء صنعته له.
قال: (والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)، أي: هو يريد أن يبيع سلعته، وحتى يشتريها الناس يحلف كاذباً أن قيمتها كذا وأنه سيبيعها بخسارة وهكذا.
فهؤلاء الثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم يوم القيامة ولهم عذاب عظيم.
وفي الحديث الآخر: (لا ينظر إليهم).
وهناك حديث آخر في هذا المعنى: عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: أشيمط زان، وعائل مستكبر، ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه) فهؤلاء لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، وهو أشيمط زاني، والشمط: البياض الذي يدخل في شعر الإنسان، تقول فلان: أشمط يعني: بدا البياض في شعره، يعني: بدأ سنه في الكهولة والشيب هذا الأشمط، الله سبحانه وتعالى جعل له الشيبة واعظاً، وليس معنى ذلك أن الشاب معذور إذا زنى، فإنه لا عذر في كبيرة من الكبائر، ولكن أحدهما أبغض إلى الله من الآخر، فالذي كبر سنه أشد بغضاً عند الله من الشاب الذي وقع في الزنا والعياذ بالله.
والعائل المستكبر: هو الفقير، فالله منع عنه أسباب الكبر حتى يتواضع، ثم هو يستكبر على غيره من الناس فهو أبغض إلى الله من الغني المستكبر، وكلاهما بغيض إلى الله سبحانه.
والإنسان المتكبر أبى الله أن يدخله الجنة حتى يعذبه بالنار والعياذ بالله.
قال: (ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه)، هذا المنفق سلعته بالحلف الكاذب جعل الله بضاعته وسلعته أن يحلف بالله دائماً كاذباً، حتى يبيع السلعة.
وفي حديث آخر: زاد رابعاً على هؤلاء فقال: (البياع الحلاف، والفقير المختال، الشيخ الزاني، والإمام الجائر)، والإمام معناه: الحاكم أو الأمير الجائر الظالم فبسبب ظلمه يكون يوم القيامة مع الذين يبغضهم الله سبحانه وتعالى ولا ينظر إليهم ولا يكلمهم ولهم عذاب أليهم.
نسأل الله العفو والعافية في الدين الدنيا والآخرة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.