قال صلى الله عليه وسلم: (ومن غشنا فليس منا).
وقد جاءت روايات كثيرة لهذا الحديث.
وجاءت أسباب فيها.
فمنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فنالت أصابعه بللاً، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء، يا رسول الله.
قال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس، من غشنا فليس منا).
فلا تخدع في البيع، ولا تبع للناس شيئاً بعضه فاسد، وتخبئه في النصف، وتضع في الأعلى الشيء الجيد؛ لتخدع الناس.
قال صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا).
وفي رواية أخرى: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بطعام قد حسنه -يعني: صاحبه- فأدخل يده فيه)، يعني: وضع كوماً من الطعام منظره من الخارج جميل، أي: قد جمله صاحبه.
قال: (فأدخل يده فيه فإذا طعام رديء)، أي: وجد شيئاً سيئاً داخل هذا الطعام الذي ظاهره حسن.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب الطعام: (بع هذا على حدة وهذا على حدة.
فمن غشنا فليس منا).
فعندما تريد أن تبيع الطعام فلا تخلط بعضه مع البعض الآخر، وإنما بع الرديء وحده وبع الطيب وحده؛ لأن هذا له سعر وهذا له سعر آخر، (فمن غشنا فليس منا).
ووردت أحاديث في أن رجلاً كان يبيع رطباً، وقد جعل الرطب المبلول في الداخل، واليابس في الخارج، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
وفي بعض الأحاديث: (إن النبي صلى الله عليه وسلم سأله: ما حملك على هذا؟)، أي: لماذا خلطت هذه الأشياء مع بعضها؟ (فقال الرجل: إنه أصابته سماء)، يعني: فليس لي ذنب في ذلك.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أفلا عزلت الرطب على حدة، واليابس على حدة، فيبتاعون ما يعرفون؟)، يعني: حتى يشتري المشتري ما يعرف.
ثم قال: (غشنا فليس منا).