ورد حديث يبين جشع الإنسان فيقول بريدة رضي الله عنه: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: لو أن لابن آدم وادياً من ذهب لابتغى إليه ثانياً، ولو أعطي ثانياً لابتغى إليه ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب).
وهذه كانت آية ثم نسخ تلاوتها وبقي حكمها، وهي تدل على أن الإنسان طماع، فلو أن الله عز وجل أعطاه وادياً من ذهب لتمنى وادياً ثانياً، ولو أعطاه ثانياً لطلب الثالث، ولا يملأ عين ابن آدم إلا تراب قبره إذا دخل فيه فامتلأت عينيه منه -ولا حول ولا قوة إلا بالله- ولذلك فعلى الإنسان المؤمن أن يحذر من الدنيا وفتنتها.
وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (يقول العبد: مالي مالي، وهل لك يا ابن آدم! من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت).
وتفكر يا ابن آدم! لو أن عندك عشرة قصور فلن تعيش إلا في قصر واحد، وعلى سرير واحد.
ولو أن عندك كل طعام الأرض فلن تأكل إلا ما يملأ بطنك، أو عندك كل ثياب الدنيا فلن تلبس إلا قميصاً واحداً.
فإذا تفكر الإنسان في ذلك فلن يطمع في الدنيا، ولن ينظر إلى أخيه بعين الغلة والحسد والحقد، بل سيطمع في الدار الآخرة وفي جنة الرحمن، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.