الثالث: قال صلى الله عليه وسلم: (ورجل قلبه معلق في المساجد) والإنسان المؤمن يحب بيته، ويحب بيت الله عز وجل أكثر من حبه لبيته، ففي بيت الله الثواب والأجر، وهو المكان الذي تحفه الملائكة، وتدعو له فيه، وهو المكان الذي يزور فيه ربه سبحانه، وحق على المزور، -وهو الله عز وجل- أن يكرم زائره - وهو هذا الإنسان المصلي - فهو يأتي إلى بيت الله ليقبل على الله وهو محب لبيت الله سبحانه وتعالى، وإذا ذهب إلى عمله فعقله يفكر في الصلاة القادمة وفي وقت ذهابه إلى بيت الله سبحانه وتعالى، ولذلك فهو يستريح في صلاته، وليس من الممكن أن يصل حب أحد لبيت الله إلى حب النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يتمثل ويتشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم ويأتسي ويقتدي به، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن الصلاة: (أرحنا بها يا بلال)، وكان إذا أهمه شيء وضاق صدره بشيء قال لـ بلال: (أرحنا بها) فينادي بالصلاة ليستريح بها، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (جعلت قرة عيني في الصلاة)، فقرة العين وطمأنينة القلب وراحة البدن في الصلاة لله سبحانه وتعالى، مع أن الصلاة بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم متعبة جداً له، فقد كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه، ولكنه يستشعر حلاوة الطاعة التي تنسيه تورم القدمين وتجعله يواظب على ذلك، صلوات وسلامه عليه.
وقوله: (رجل قلبه معلق بالمسجد)، جاء في رواية أخرى: (إذا خرج منه حتى يعود إليه) أي: إذا خرج من المسجد ظل قلبه معلق بالمسجد، حتى يرجع إليه في الصلاة التالية.