وينبغي أن يعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال إلا إذا تضمن إثباتاً، وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال; لأن النفي المحض عدم محض].
يعني: أن النفي الخالص عدم خالص، مثل وصف المتكلمين والفلاسفة ومن أعجب بطريقتهم ومنهجهم -ليس فقط في الدين، بل في الدنيا أيضاً، وهذا ثابت عنهم، ولا نقول ذلك لمجرد ظن أو توهم-: بأن الله ليس داخل العالم ولا خارجه، ولا يوصف، وغير قابل للوصف! إذاً: هذا معدوم وخيال في أذهانهم، بل ولا حتى خيال، فالخيال ممكن أن يتوهم له صفات، ولذلك لا نستغرب هذا من الفلاسفة؛ لأنهم ملاحدة، وأعداء الأنبياء، لكن الغريب ممن ينتسبون للإسلام من المتكلمين الذين أعجبوا بطرائق الفلاسفة، حيث أتونا بهذه البدع، بدع النفي لأسماء الله وصفاته أو بعضها تحت دعوى أن النفي يقتضي تنزيه الله عن التشبيه، والشيخ رحمه الله أراد هنا أن يوقظ فيهم الفطرة إن كان عندهم عقول، فيقول: يا قوم! النفي المحض يدل على العدم المحض، والنفي الخالص يدل على العدمية الخالصة، وهذه أمور تعرف بالبداهة، فإذا كان كل شيء ما عندك له إلا النفي فمعناه أن هذا عدم.