قوله: (علم بضرورة العقل أنه لا بد من موجود قديم غني) يقصد المصنف بذلك قواعد الإثبات التي يرد عليهم بها، وهي: الوجود، والقدم، والغنى، فهذه الأمور يعترفون بها عقلاً، فيثبتوها لمن يسمونه بواجب الوجود، الذي وجوده يخالف وجود المحدثات، فالشيخ رحمه الله قد بدأ بما يسلمون به، أي: أنه لابد من موجود، وهذا أولاً، ثانياً: أنه قديم، ثالثاً: أنه غني، وهذه بدهيات انطلق منها الشيخ في الرد على النفاة أو المعطلة أو المؤولة، وهي قواعد مشتركة عند الجميع.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [إذ نحن نشاهد حدوث المحدثات، كالحيوان والمعدن].
هذا بداية التفصيل من المصنف لما أجمله من الأمور المتفق عليها عند جميع الطوائف، فبدأ بالبرهان الأول وهو: أننا نشاهد حدوث المحدثات، كالحيوان والمعدن وغيرهما.
ثم قال رحمه الله تعالى: [والحادث ممكن ليس بواجب ولا ممتنع، وقد علم بالاضطرار، أن المحدث لا بد له من محدث، والممكن لابد له من موجد].
هذا الاستدلال أو البرهان الثاني، وهو أن الحادث ممكن وليس بواجب ولا ممتنع، بمعنى: أنه قابل للوجود والعدم، فيفترض العقل أن هذا الوجود الذي يقبل العدم قد بدأ من لا شيء.